للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدُه؛ لبَقاءِ إمامتِه، واستَقرَّتْ إمامةُ وليِّ عهدِه بالإياسِ مِنْ خَلاصِه؛ لزوالِ إمامتِه، فلو خلَصَ مِنْ أسرِه بعدَ عهدِه نُظرَ في خَلاصِه، فإنْ كانَ بعد الإياسِ منه لم يَعُدْ إلى إمامتِه؛ لخُروجِه منها بالإياسِ، واستقرَّتْ في وليِّ عهدِه، وإنْ خلَصَ قبلَ الإياسِ فهو على إمامتِه، ويكونُ العهدُ في وليِّ العَهدِ ثابتًا وإنْ لم يَصِرْ إمامًا.

وإنْ كانَ مأسورًا مع بُغاةِ المُسلمينَ، فإنْ كانَ مَرجوَّ الخَلاصِ فهو على إمامتِه، وإنْ لم يُرْجَ خَلاصُه لم يَخلُ حالُ البُغاةِ مِنْ أحدِ أمرَينِ: إما أنْ يَكونوا نَصَبوا لأنفُسِهم إمامًا أو لم يَنصِبوا، فإنْ كانُوا فوضَى لا إمامَ لهم فالإمامُ المَأسورُ في أيديهِم على إمامتِه؛ لأنَّ بَيعتَه لهم لازمةٌ وطاعتَه عليهم واجِبةٌ، فصارَ معَهم كمَصيرِه مع أهلِ العَدلِ إذا صارَتْ تحتَ الحَجرِ، وعلى أهلِ الاختيارِ أنْ يَستَنيبوا عنه ناظرًا يَخلُفُه إنْ لم يَقدرْ على الاستِنابةِ، فإنْ قدَرَ عليها كانَ أحقَّ باختيارِ مَنْ يَستنيبُه منهم، فإنْ خلَعَ المأسورَ نفسَه أو ماتَ لم يَصِرِ المُستنابُ إمامًا؛ لأنها نيابةٌ عن مَوجودٍ، فزالَتْ بفَقدِه.

وإنْ كانَ أهلُ البغيِ قد نَصَبوا لأنفُسِهم إمامًا دَخَلوا في بَيعتِه وانقادُوا لطاعتِه فالإمامُ المَأسورُ في أيديهِم خارجٌ مِنْ الإمامةِ بالإياسِ مِنْ خَلاصِه؛ لأنهُم قد انحازُوا بدارٍ تفرَّدَ حُكمُها عن الجَماعةِ، وخرَجوا بها عن الطاعةِ، فلَم يَبْقَ لأهلِ العَدلِ بهم نُصرةٌ وللمأسورِ معَهم قُدرةٌ، وعلى أهلِ الاختيارِ في دارِ العَدلِ أنْ يَعقِدوا الإمامةَ لمَن ارتَضَوا لها، فإنْ خلَصَ المأسورُ لم يَعُدْ إلى الإمامةِ؛ لخُروجِه منها (١).


(١) «الأحكام السلطانية» (٤٣، ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>