للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصاصٍ أنْ يُوكِّلَ كافرًا باستِيفائِه، ولا للإمامِ أنْ يَتخِذَ جلَّادًا كافرًا لإقامةِ الحُدودِ على المُسلمينَ.

ولا يَجوزُ أنْ يُستعانَ بمَن يَرَى قتْلَهم مُدبِرينَ إما لعَداوةٍ وإما لاعتِقادِه كالحَنفيِّ، إلا أنْ يحتاجَ إلى الاستعانةِ بهم فيَجوزُ بشَرطينِ:

أحَدُهما: أنْ تكونَ فيهم جُرأةٌ وحُسنُ إقدامٍ.

والثاني: أنْ يَتمكَّنَ مِنْ مَنعِهم لو ابتَغَوا أهلَ البغيِ بعدَ هَزيمتِهم.

ولا بُدَّ مِنْ اجتِماعِ الشَّرطينِ لجَوازِ الاستِعانةِ، كذا حَكاهُ ابنُ الصبَّاغِ والرُّويانِيُّ وغيرُهما عن اتِّفاقِ الأصحابِ، ولَفظُ البغَويِّ يَقتضِي جوازَها بأحَدِهما (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَستعينُ على قِتالِهم بالكفَّارِ بحالٍ، ولا بمَن يَرَى قتْلَهم مُدبِرينَ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ.

وقالَ أصحابُ الرَّأيِ: لا بأسَ أنْ يَستعينَ عليهِم بأهلِ الذمَّةِ والمُستأمنينَ وصِنفٍ آخَرَ منهم إذا كانَ أهلُ العَدلِ هم الظاهِرينَ على مَنْ يَستعينونَ به.

ولنا: أنَّ القَصدَ كَفُّهم ورَدُّهم إلى الطاعةِ دونَ قتلِهم، وإنْ دعَتِ الحاجةُ إلى الاستِعانةِ بهم فإنْ كانَ يَقدرُ على كَفِّهم استعانَ بهم، وإنْ لم يَقدرْ لم يَجُزْ (٢).

وجاءَ في «المُحلَّى» لابنِ حَزمٍ : مَسألةٌ: هل يُستعانُ على أهلِ البَغيِ بأهلِ الحَربِ أو بأهلِ الذمَّةِ أو بأهلِ بَغيٍ آخَرينَ؟


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٤٨٣).
(٢) «المغني» (٩/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>