للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُفرٌ» (١)، ولو كانَ قِتالُ المُؤمنِ الباغي كُفرًا لَكانَ اللهُ تعالَى قد أمَرَ بالكُفرِ تعالَى اللهُ عن ذلكَ، وقد قاتَلَ الصدِّيقُ مَنْ تَمسَّكَ بالإسلامِ وامتَنعَ مِنْ الزَّكاةِ، وأمَرَ ألَّا يُتبعَ مُولٍّ ولا يُجهَزَ على جَريحٍ، ولم تَحلَّ أموالُهم، بخِلافِ الواجِبِ في الكفَّارِ.

وقالَ الطبَريُّ : لو كانَ الواجِبُ في كلِّ اختِلافٍ يكونُ بينَ الفَريقينِ الهربَ منه ولُزومَ المَنازلِ لَمَا أُقيمَ حَدٌّ ولا أُبطلَ باطلٌ، ولَوجَدَ أهلُ النِّفاقِ والفُجورِ سَبيلًا إلى استِحلالِ كلِّ ما حرَّمَ اللهُ عليهِم مِنْ أموالِ المُسلمينَ وسَبيِ نِسائِهم وسَفكِ دِمائِهم، بأنْ يَتحزَّبوا عليهِم ويَكفَّ المُسلمونَ أيديَهم عنهُم، وذلكَ مُخالِفٌ لقولِه : «خُذوا عَلى أَيدِي سُفَهائِكم» (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأجمَعَتِ الصحابةُ على قِتالِ البُغاةِ، فإنَّ أبا بكرٍ قاتَلَ مانِعي الزكاةِ، وعليٌّ قاتَلَ أهلَ الجَملِ وصِفِّينَ وأهلَ النَّهرَوانِ (٣).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : وأمَّا الإجماعُ الدالُّ على إباحةِ قِتالِهم فهو مُنعقِدٌ عن فِعلِ إمامَينِ:

أحَدُهما: أبو بكرٍ في قِتالِ مانِعي الزكاةِ.


(١) رواه الإمام أحمد في «المسند» (١٥١٩)، وقالَ الشيخُ شعيبُ الأرنؤوط : إسنادُه حَسنٌ والحَديثُ صَحيحٌ.
(٢) «تفسير القرطبي» (١٦/ ٣١٧)، والحديث رواه البغوي في «شرح السنة» (٤١٥٢)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧١٧٠)، وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (٢٨٢٠).
(٣) «المغني» (٩/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>