للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالَحهم من الجِزيةِ على الصَّدقةِ المُضاعَفةِ، فإذا أخَذَ العاشِرُ منهم ذلك سقَطَت الجِزيةُ عنهم (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ العُشرَ يُؤخذُ من الذِّميِّينَ لهذا الانتِقالَ؛ لأنَّهم عُوهِدوا على التِّجارةِ وتَنميةِ أَموالِهم بآفاقِهم التي استَوطَنوها، فإذا طلَبوا تَنميةَ أَموالِهم بالتِّجارةِ إلى غيرِ ذلك من آفاقِ المُسلِمينَ، كانَ عليهم في ذلك حقٌّ غيرُ الجِزيةِ التي صُولِحوا عليها، وأنَّه يُؤخذُ منهم نِصفُ العُشرِ في الطَّعامِ الذي يَجلِبونَه إلى مَكةَ أو المَدينةِ؛ لحاجةِ أهلِ الحَرمَينِ وما أُلحِقَ بهما إليه (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه لا يَجبُ عليهم شَيءٌ سِوى الجِزيةِ إنِ اتَّجَروا فيما سِوى الحِجازِ من بِلادِ الإِسلامِ، إلا إذا شرَطَ الإمامُ عليهم مع الجِزيةِ شَيئًا من تِجارَتِهم؛ فإنْ دخَلوا بِلادَ الحِجازِ يُنظَرُ إنْ كانَ لنَقلِ طَعامٍ أو نَحوِه يَحتاجُ إليه أهلُ الحِجازِ أذِنَ لهم بغيرِ شَيءٍ.

وإنْ كانَ لتِجارةٍ لا حاجةَ بأهلِ الحِجازِ إليها كالعِطرِ لمْ يأذَنْ لهم، إلا أنْ يشتَرِطَ عليهم عِوضًا بحسَبِ ما يراه، وكانَ عُمرُ يشتَرِطُ العُشرَ في بعضِ الأمتِعةِ كالقَطيفةِ، ونِصفَ العُشرِ في القَمحِ والشَّعيرِ على مَنْ دخَلَ دارَ الحِجازِ من أهلِ الذِّمةِ (٣).


(١) «البدائع» (٢/ ٣٨).
(٢) «المدونة الكبرى» (١/ ٣٣٢)، و «الكافي» (١/ ٤٨٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٣)، «بلغة المسالك لأقرب المسالك» (٢/ ٢٠٧).
(٣) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٢٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٧)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٢٩)، و «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>