للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأننا أحقُّ بالمَكارمِ، ولا يُؤخذُ العُشرُ من مالِ صَبيٍّ حَربيٍّ إلا أنْ يَكونوا يَأخُذونَ من أَموالِ صِبيانِنا (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه إذا دخَلَ الحَربيُّ بمالِ التِّجارةِ إلى بِلادِ المُسلِمينَ بأمانٍ على شَيءٍ يُعطيه؛ فإنَّه يَلزمُه ولو أكثَرَ من العُشرِ، ولا يَجوزُ أخذُ زائدٍ عليه، وعندَ عَدمِ تَعيينِ جُزءٍ يُؤخذُ منه العُشرُ، إلا أنْ يُؤدِّيَ الإمامُ اجتِهادَه إلى أخذِ أقَلَّ، فيَقتصِرَ عليه على المَشهورِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ دخَلوا بأمانٍ وشرَط الإمامُ عليهم أنْ يَأخذَ منهم عُشرَ تِجارَتِهم أو أكثَرَ أو أقَلَّ أخَذَ منهم، وإنْ لمْ يَشرُطْ بل عقَدَ لهم الأَمانَ على دِمائِهم لم يَأخذْ من أَموالِهم شَيئًا إنْ دخَلوا بأَموالِهم، إلا بشَرطٍ أو طِيبِ أنفُسِهم، وسَواءٌ كانَ هؤلاء المُستأمَنونَ من قَومٍ يُعشِّرون المُسلِمينَ إنْ دخَلوا بِلادَهم أو يُخمِّسونَهم (٣).

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ الحَربيَّ إذا دخَلَ بِلادَ الإسلامِ بأمانٍ واتَّجَر فإنَّه يُؤخَذُ من تِجارتِه العُشرُ دُفعةً واحِدةً، سَواءٌ أكانَ كَبيرًا أو صَغيرًا، وسَواءٌ أكانَ ذَكرًا أو أُنثى، وسَواءٌ عَشَّروا أموالَ المُسلِمينَ إذا دخَلَت إليهم أو لا؛ لأنَّ عُمرَ أخَذَ من أهلِ الحَربِ العُشرَ، واشتَهرَ ولمْ يُنكَرْ، وعمِلَ به الخُلفاءُ الراشِدونَ من بَعدِه في كلِّ عَصرٍ من غيرِ نَكيرٍ.


(١) «الدر المختار مع ابن عابدين» (٢/ ٣١٤)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٢٢٨).
(٢) «الفواكه الدواني» (١/ ٣٣٩).
(٣) «الأم» (٤/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>