للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخولِ الذِّميِّ في الإسلامِ -عن طَريقِ مُخالَطتِه للمُسلِمينَ- ووُقوفِه على مَحاسنِ الدِّينِ، فهذا يَكونُ عن طَريقِ الدَّعوةِ لا عن طَريقِ الإِكراهِ، وقد قالَ اللهُ : ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، وفي كِتابِ النَّبيِّ لأهلِ نَجرانَ: «ولنَجرانَ وحاشيَتِها جِوارُ اللهِ وذِمةُ مُحمدٍ رَسولِ اللهِ على أَموالِهم ومِلَّتِهم وبِيَعِهم وكلِّ ما تحتَ أيديهم … » (١) وهذا الأصلُ مُتَّفقٌ عليه بينَ الفُقهاءِ.

لكنْ هناك تَفصيلٌ وخِلافٌ في بعضِ الفُروعِ نَذكرُه فيما يَلي:

إجراءُ عباداتِهم: الأصلُ في أهلِ الذِّمةِ تَركُهم وما يَدينونَ، فيُقَرُّونَ على الكُفرِ وعَقائدِهم وأَعمالِهم التي يَعتبِرونها من أُمورِ دِينِهم، كضَربِ الناقوسِ خَفيفًا في داخِلِ مَعابِدِهم، وقِراءةِ التَّوراةِ والإِنجيلِ فيما بينَهم، ولا يُمنَعونَ من ارتِكابِ المَعاصي التي يَعتقِدونَ بجَوازِها، كشُربِ الخَمرِ واتِّخاذِ الخَنازيرِ وبَيعِها، أو الأكلِ والشُّربِ في نَهارِ رَمضانَ، وغيرِ ذلك فيما بينَهم، أو إذا انفَردوا بقَريةٍ، ويُشترطُ في جَميعِ هذا ألَّا يُظهِروها ولا يَجهَروا بها بينَ المُسلِمينَ، وإلا مُنِعوا وعُزِّروا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهبِ، فقد جاءَ في شُروطِ أهلِ الذِّمةِ لعبدِ الرَّحمنِ بنِ غُنمٍ: (ألَّا نَضرِبَ ناقوسًا إلَّا ضَربًا خَفيفًا في جَوفِ كنائسِنا، ولا نُظهِرَ عليها صَليبًا، ولا نَرفَعَ أصواتَنا في الصَّلاةِ ولا القِراءةِ في كَنائسِنا، ولا نُظهِرَ صَليبًا ولا كِتابًا في سُوقِ المُسلِمينَ) إلخ (٢).


(١) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٥/ ٣٨٩) وفي إِسنادِه جَهالَةٌ.
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: تَقدَّمَ. وانظُر: «البناية على الهداية» (٤/ ٨٣٧)، و «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٢)، و «الدسوقي» (٢/ ٢٠٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>