للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كلُّ ما يَختصُّ به ذلك من عِبادةٍ وعادةٍ؛ فإنَّما سَببُه هو كَونُه يَومًا مَخصوصًا، وإلا فلو كانَ كسائرِ الأيامِ لم يَختصَّ بشَيءٍ، وتَخصيصُه ليسَ من دِينِ الإسلامِ في شَيءٍ بل هو كُفرٌ به.

الوَجهُ الثانِي من الاعتِبارِ: أنَّ ما يَفعَلونه في أعيادِهم مَعصيةٌ للهِ؛ لأنَّه إمَّا مُحدِثٌ مُبتدِعٌ وإمَّا مَنسوخٌ، وأحسَنُ أحوالِه -ولا حَسَنَ فيه- أنْ يَكونَ بمَنزِلةِ صَلاةِ المُسلِمِ إلى بَيتِ المَقدِسِ هذا إذا كانَ المَفعولُ ممَّا يَتديَّنُ به، وأمَّا ما يَتبعُ ذلك من التَّوسُّعِ في العاداتِ من الطَّعامِ واللِّباسِ واللَّعِبِ والراحةِ فهو تابِعٌ لذلك العيدِ الدِّينيِّ كما أنَّ ذلك تابعٌ له في دِينِ الإسلامِ، فيَكونُ بمَنزلةِ أنْ يَتخِذَ بعضُ المُسلِمينَ عيدًا مُبتدَعًا يَخرُجونَ فيه إلى الصَّحراءِ ويَفعَلونَ فيه من العِباداتِ والعاداتِ من جِنسِ المَشروعِ في يَومَيِ الفِطرِ والنَّحرِ أو مِثلَ أنْ يَنصِبَ بِنْيةً يُطافُ بها ويُحَجُّ إليها ويَصنعَ لمَن يَفعلُ ذلك طَعامًا ونَحوَ ذلك، فلو كرِهَ المُسلِمُ ذلك لكرِهَ غيرَ عادَتِه ذلك اليَومَ، كما يُغيِّرُ أهلُ البِدعِ عاداتِهم في الأُمورِ العاديةِ أو في بَعضِها بصُنعِهم طَعامًا أو زينةَ لباسٍ أو تَوسيعٍ في نَفقةٍ ونَحوِ ذلك من غيرِ أنْ يَتعبَّدوا بتلك العادةِ المُحدَثةِ كانَ هذا مِنْ أقبَحِ المُنكَراتِ فكذلك مُوافَقةُ هؤلاء المَغضوبِ عليهم والضالِّينَ وأشَدُّ.

نَعمْ، هؤلاء يُقَرُّونَ على دِينِهم المُبتدَعِ والمَنسوخِ بشَرطِ أنْ يَكونوا مُستَسرِّينَ به، والمُسلِمُ لا يُقَرُّ على دِينٍ مُبتدَعٍ ولا مَنسوخٍ لا سِرًّا ولا عَلانيةً، وأمَّا مُشابَهةُ الكُفارِ فكمُشابَهةِ أهلِ البِدعِ وأشدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>