للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمُطالعةِ أهلِ الذِّمةِ لأهلِ دِينِهم، ومن الأبياتِ المَشهورةِ قَولُ بَعضِهم:

كلُّ العَداواتِ قد تُرجَى مَودَّتُها … إلا عَداوةَ مَنْ عَاداكَ في الدِّينِ

ولهذا وغيرِه مُنعوا أنْ يَكونوا على وِلايةِ المُسلِمينَ، أو على مَصلحةٍ مَنْ يُقوِّيهم أو يَفضُلُ عليهم في الخِبرةِ والأمانةِ من المُسلِمينَ، بل استِعمالُ مَنْ هو دونَهم في الكَفاءةِ أنفَعُ للمُسلِمينَ في دِينِهم ودُنياهم، والقَليلُ من الحَلالِ يُبارِكُ فيه، والحَرامُ الكَثيرُ يَذهبُ ويَمحَقُه اللهُ تَعالى، واللهُ أعلَمُ، وصلَّى اللهُ على مُحمدٍ وآلِه وصَحبِه وسلَّم (١).

وقالَ ابنُ مُفلِحٍ : ولأنَّ في الاستِعانةِ بهم في ذلك من المَفسدةِ ما لا يَخفى، وهي ما يَلزمُ عادةً أو ما يُفضي إليه مِنْ تَصديرِهم في المَجالسِ والقيامِ لهم وجُلوسِهم فوقَ المُسلِمينَ وابتدائِهم بالسَّلامِ أو ما في مَعناه، ورَدِّه عليهم على غيرِ الوَجهِ الشَّرعيِّ، وأَكلِهم من أَموالِ المُسلِمينَ ما أَمكَنهم لخِيانتِهم واعتِقادِهم حِلَّها وغيرِ ذلك؛ ولأنَّه إذا مُنعَ من الاستِعانةِ بهم في الجِهادِ مع حُسنِ رأيِهم في المُسلِمينَ والأمنِ منهم وقُوةِ المُسلِمينَ على المَجموعِ لا سيَّما مع الحاجةِ إليهم على قَولٍ، فهذا في معناه وأوْلى لِلُزومِه وإفضائِه إلى ما تقدَّم من المُحرَّماتِ بخِلافِ هذا.

وبهذا يَظهرُ التَّحريمُ هنا وإنْ لم تَحرُمْ الاستِعانةُ بهم على القِتالِ، وقد نَهى اللهُ المُؤمِنينَ أنْ يَتخِذوا الكُفارَ بِطانةً لهم، فقالَ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ وبِطانةُ الرَّجلِ تَشبيهٌ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٦٤٣) وما بعدَها، و «الآداب الشرعية» (٢/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>