للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ نَجيمٍ الحَنفيُّ : نقَلَ الإمامُ السُّبكيُّ الإجماعَ على أنَّ الكَنيسةَ إذا هُدمَت ولو بغيرِ وَجهٍ لا تَجوزُ إعادتُها، كما ذكَرَه السُّيوطيُّ في حُسنِ المُحاضرةِ في أَخبارِ مِصرَ والقاهِرةِ، عندَ ذِكرِ الأُمراءِ.

قُلتُ: يُستنبَطُ من ذلك أنَّها إذا أُقفلَت ولو بغيرِ وَجهٍ لا تُفتَحُ، كما وقَعَ ذلك في عَصرِنا بالقاهِرةِ في كَنيسةٍ بحارةِ زِويلةَ أقفَلها الشَّيخُ مُحمدُ بنُ إلياسَ قاضي القُضاةِ فلم تُفتَحَ إلى الآنَ، حتى ورَدَ عليها الأمرُ السُّلطانِيُّ بفتحِها فلمْ يَتجاسَرْ حاكِمٌ على فَتحِها.

ولا يُنافي ما نقَلَه السُّبكيُّ من الإجماعِ قَولَ أصحابِنا : ويُعادُ المُنهدِمُ؛ لأنَّ الكَلامَ فيما هدَمَه الإمامُ لا فيما انهدَمَ، فليُتأمَّلْ (١).

قالَ ابنُ عابدِين بعدَما ذكَرَ كَلامَ ابنِ نَجيمٍ: قالَ الخَيرُ الرَّمليُّ في حَواشي البَحرِ: أقوالُ كَلامِ السُّبكيِّ عامةٌ فيما هدَمَه الإمامُ وغيرُه، في كَلامِ الأشباهِ يَخُصُّ الأولَ.

والذي يَظهرُ تَرجيحُه العُمومُ؛ لأنَّ العِلةَ فيما يَظهرُ أنَّ في إِعادَتِها بعدَ هَدمِ المُسلِمينَ استِخفافًا بهم وبالإِسلامِ، وأَخمادًا لهم وكَسرًا لشَوكتِهم ونَصرًا للكُفرِ وأهلِه، غايةُ الأمرِ أنَّ فيه افتِياتًا على الإمامِ فيَلزمُ فاعِلَه التَّعزيرُ كما إذا أُدخِلَ الحَربيُّ بغيرِ إذنٍ يَصحُّ أمانُه ويُعزَّرُ لافتياتِه بخِلافِ ما إذا هدَموها بأنفُسِهم؛ فإنَّها تُعادُ كما صرَّحَ به عُلماءُ الشافِعيةِ وقَواعدُنا لا تَأباهُ لعَدمِ العِلةِ التي ذكَرْناها فيُستَثنى من عُمومِ كَلامِ السُّبكيِّ. اه (٢).


(١) «الأشباه والنظائر» (٣٨٦).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>