للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)[التوبة: ٢٩] فالآيةُ تَدلُّ على مَشروعيةِ أخذِ الجِزيةِ من أهلِ الكِتابِ الذين وصَفهم اللهُ تَعالى بالصِّفاتِ المَذكورةِ فيها.

ولِهذا شرَعَ اللهُ مُجاهَدةَ الكافِرينَ ومُقاتَلَتَهم حتى يَرجِعوا عن تلك الصِّفاتِ ويَدخلوا الدِّينَ الحَقَّ أو يُعطُوا الجِزيةَ عن يَدٍ وهُم صاغِرونَ (١).

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : هذه الآيةُ هي الأصلُ في مَشروعيةِ الجِزيةِ (٢).

وأمَّا السُّنةُ فقد ورَدت فيها أحاديثُ كَثيرةٌ، منها:

ما رَواه مُسلِمٌ وغيرُه عن بُرَيدةَ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ إذا أمَّرَ أميرًا على جَيشٍ أو سَرِيةٍ أوصاه في خاصَّةِ نَفسِه بتَقوى اللهِ ومن معه مِنْ المُسلِمينَ خَيرًا، ثم قالَ: «اغْزُوا باسمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قاتِلوا مَنْ كفَر باللهِ، اغزُوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تَقتُلوا وَليدًا، وإذا لقيت عَدوَّك من المُشرِكينَ فادْعُهم إلى ثَلاثِ خِلالٍ، فأيَّتهُنَّ ما أجابوك إليها فاقبَلْ منهم، وكُفَّ عنهم؛ ثم ادْعُهم إلى الدُّخولِ في الإسلامِ؛ فإنْ فعَلوا فاقبَلْ منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادْعُهم إلى التَّحوُّلِ عن دارِهم إلى دارِ المُهاجِرينَ، وأخبِرْهم بأنَّهم إنْ فعَلوا ذلك فلهم ما للمُهاجِرينَ وعليهم ما على المُهاجِرينَ؛ فإنْ أبَوْا أنْ يَتحوَّلوا منها فأخبِرْهم أنَّهم يَكونونَ كأعرابِ


(١) «تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان على هامش تفسير الطبري» (١٠/ ٦٦).
(٢) «فتح الباري» (٦/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>