للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعرَّفَها الحَنفيةُ بأنَّها: اسمٌ لما يُؤخَذُ من أهلِ الذِّمةِ؛ لأنَّها تُجزِئُ من القَتلِ، أي: تَعصِمُ.

وعرَّفَها الإمامُ نَجمُ الدِّينِ الطُّرسوسيُّ بقَولِه: هي اسمٌ لما يُؤخذُ من أهلِ الذِّمةِ كلَّ سَنةٍ، وهي شِبهُ ضَريبةٍ تَقومُ مَقامَ الزَّكاةِ التي يَلتزِمونَ بها لو كانُوا مُسلِمينَ، الجَمعُ جِزًى، كلِحيةٍ، لحًى، وهي ضَربانِ، ضَربٌ يُوضَعُ بالتَّراضي والصُّلحِ قبلَ انتِصارِ المُسلِمينَ، وقِسمٌ يُفرَضَ بعدَ النَّصرِ.

وبدَفعِ هذه الجِزيةِ يُصبِحُ لهم الحقُّ في الأمانِ والحِمايةِ من الدَّولةِ الإِسلاميةِ، والحقُّ في مُمارَسةِ شُؤونِهم الدِّينيةِ بحُرِّيةٍ.

وفي أحوالِهم الشَّخصيةِ لهم الاختيارُ بينَ القَضاءِ الإسلاميِّ وبينَ قَضاءِ طائِفَتِهم، كما أنَّ لهم حُقوقَ المُواطَنةِ والكَرامةِ الإنسانيةِ؛ فإنْ لم يُؤدُّوا الجِزيةَ وامتنَعوا عن ذلك لا تَسقُطُ حُقوقُهم عندَ أبي حَنيفةَ، وإنَّما تَبقى دَينًا في ذِمَّتِهم (١).

وعرَّفَها المالِكيةُ بأنَّها: إذنُ الإمامِ لكافرٍ في سُكنى مَوضِعٍ مَخصوصٍ على إعطاءِ مالٍ مَخصوصٍ بشَرطِ كَونِ الكافِرِ على وَصفٍ مَخصوصٍ، ويَكونُ العاقِدُ الإمامَ لا غيرَه، فلو عَقدَها مُسلِمٌ ابتِداءً بغيرِ إذنِ الإمامِ لم تَصحَّ لكنْ يُمنَعُ الاغتيالُ، أي: من القَتلِ والأسْرِ (٢).


(١) «تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك» (١/ ٨٠).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٤٤)، و «منح الجليل» (٣/ ٢١٤)، و «الذخيرة» (٣/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>