للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُشترطُ لصِحَّتِها أنْ يَقومَ بَعقدِها الإمامُ أو نائِبُه؛ لأنَّه عَقدٌ يَقتَضي الأمانَ لجَميعِ المُشرِكينَ فلَم يَجزْ لغيرِهما كعَقدِ الذِّمةِ، ولأنَّه يَتعلَّقُ بنَظرٍ واجتِهادٍ، ولِما فيها من الخَطرِ، والإمامُ أو نائِبُه هو الذي يَتوَلَّى الأُمورَ العِظامَ وهو أعرَفُ بالمَصالحِ من الآحادِ وأقدَرُ على التَّدبيرِ منهم، وليسَ غيرُهما مَحلًّا لذلك لعَدمِ وِلايَتِه، ولو جُوِّزَ ذلك للآحادِ للزِمَ تَعطيلُ الجِهادِ؛ فإنْ تعاطَاها الآحادُ لم يَصحَّ لكنَّ المُستأمَنينَ لا يُغتالونَ، بل يُبلَّغونَ المأمَنَ؛ لأنَّهم دخَلوا على اعتِقادِ صِحةِ أمانِه (١).

وقالَ الحَنفيةُ: لا يُشترطُ إذنُ الإمامِ بالمُوادَعةِ حتى لو وادَعهم الإمامُ أو فَريقٌ من المُسلِمينَ من غيرِ إذنِ الإمامِ جازَت مُوادَعتُهم؛ لأنَّ المُعوَّلَ عليه كَونُ عَقدِ المُوادَعةِ مَصلَحةً للمُسلِمينَ وقد وُجِد. ولأنَّ مُوادَعةَ المُسلِمِ أهلَ الحَربِ جائِزةٌ كإعطائِه الأمانَ؛ فإنْ كانَ على مالٍ ولم يَعلَمِ الإمامُ ذلك؛ فإنْ مضَت المُدةُ أخَذه وجعَلَه في بَيتِ المالِ وإنْ علِمَ بها قبلَ مُضيِّها؛ فإنْ كانَ فيها خَيرٌ أمضاها وأخَذَ المالَ، وإلا أبطَلَها ورَدَّ المالَ ونبَذَ


(١) «الذخيرة» (٣/ ٤٤٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٥٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٥٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥١٦، ٥١٧)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٥٨)، و «البيان» (١٢/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٥١)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٩٤)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٣٧)، و «المغني» (٩/ ٢٣٨)، و «الكافي» (٤/ ٣٣٨)، و «المبدع» (٣/ ٣٩٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٢٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٨٥)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>