ورَوى مَروانُ والمِسوَرُ بنُ مَخرَمةَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ صالَحَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو بالحُديبيةِ على وَضعِ القِتالِ عَشرَ سِنينَ وكانَ في ذلك نَظرٌ للمُسلِمينَ لمُواطأةٍ كانَت بينَهم وبينَ أهلِ خَيبَرَ ووادَعَ النَّبيُّ ﷺ قَبائِلَ من المُشرِكينَ، ووادَعَ قُريظةَ والنَّضيرِ.
ولأنَّ الصُّلحَ جِهادٌ في المَعنى إذا كانَ فيه مَصلَحةٌ؛ إذِ المَقصودُ من الجِهادِ دَفعُ الشَّرِّ ولأنَّه قد تَكونُ المَصلَحةُ في الهُدنةِ لضَعفِ المُسلِمينَ عن قِتالِهم أو لطَمعٍ في إسلامِهم أو التِزامِهم الجِزيةَ والتِزامِهم أَحكامَ المِلةِ أو غيرَ ذلك من المَصالحِ، فيُهادِنُهم حتى يَقوَى المُسلِمونَ وما زالت الخُلفاءُ والصَّحابةُ على هذه السَّبيلِ التي شرَعَناها سالِكينَ وبالوُجوهِ التي شَرَحناها عامِلينَ.