للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُمهورُ: وهذا حَديثٌ ضَعيفٌ؛ لأنَّه ممَّا انفرَدَ به صالِحُ بنُ مُحمدٍ عن سالِمٍ وهو ضَعيفٌ، قالَ الطَّحاويُّ: ولو صَحَّ يُحمَلُ على أنَّه كانَ إذا كانَتِ العُقوبةُ بالأموالِ كأخذِ شَطرِ المالِ من مانِعِ الزَّكاةِ وضالةِ الإبِلِ وسارِقِ التَّمرِ، وكلُّ ذلك مَنسوخٌ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الإمامُ السُّبكيُّ : قالَ العُلماءُ: الغُلولُ عَظيمٌ؛ لأنَّ الغَنيمةَ للهِ تَصدَّقَ بها علينا من عِندِه في قَولِه تَعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنفال: ٤١] فمَن غلَّ فقد عانَدَ اللهَ ، وإنَّ المُجاهِدينَ تَقوَى نُفوسُهم على الجِهادِ والثَّباتِ في مَواقِفِهم عِلمًا منهم بأنَّ الغَنيمةَ تُقسَمُ عليهم، فإذا غَلَّ منها خافُوا ألَّا يَبقى منها نَصيبُهم فيَفرُّوا إليها، فيَكونَ ذلك تَخذيلًا للمُسلِمينَ وسَببًا لانهِزامِهم كما جَرى لمَّا ظَنُّوا يَومَ أُحدٍ؛ فلذلك عُظِّمَ قَدرُ الغُلولِ وليسَ كغيرِه من الخِيانةِ والسَّرقةِ، وسُمِّي غُلولًا؛ لأنَّ الأيدي فيه مَغلولةٌ، ولأنَّه يُؤخَذُ في خُفيةٍ، وأصلُه الغَلَلُ: وهو الماءُ الذي يَجري تحتَ الشَّجرِ لخَفائِه، ومنه غِلُّ الصَّدرِ (٢).

لكنَّ هذا إذا كانَ الإمامُ يَقسِمُ الغَنيمةَ على وَجهِها الشَّرعيِّ؛ فإنْ كانَ لا يَقسِمُها على وَجهِها الشَّرعيِّ وإلا جازَ لمَن ظفِرَ بقَدرِ حَقِّه أنْ يَأخذَه.


(١) «شرح مسلم» (١٢/ ٢١٧، ٢١٨).
(٢) «فتاوى السبكي» (٢/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>