فأقولُ: لا أملِكُ لكَ من اللهِ شَيئًا، قد أبلَغتُك، وعلى رَقَبتِه بَعيرٌ له رُغاءٌ، يَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شَيئًا، قد أبلَغتُك، وعلى رَقَبتِه صامِتٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أغِثْني، فَأقولُ: لا أملِكُ لك شَيئًا قد أبلَغتُك، أو على رَقَبتِه رِقاعٌ تَخفِقُ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فَأقولُ: لا أملِكُ لكَ شَيئًا، قد أبلَغتُك» (١).
قالَ ابنُ بَطالٍ ﵀: قالَ المُهلَّبُ: هذا الحَديثُ على سَبيلِ الوَعيدِ من اللهِ ﷾ لمَن أنفَذَه عليه من أهلِ الغُلولِ، وقد تَكونُ العُقوبةُ حَملَ البَعيرِ وسائرِ ما غَلَّه على رَقَبتِه على رُؤوسِ الأشهادِ وفَضيحَتَه به، ثم اللهُ ﷾ مُخيَّرٌ بعدَ ذلك في تَعذيبِه بالنارِ أو العَفوِ عنه؛ فإنْ عذَّبَه بنارِه أدرَكَتْه الشَّفاعةُ، إنْ شاء اللهُ، وإنْ لم يُعذِّبْه بنارِه فهو واسِعُ المَغفِرةِ.
وقَولُه:«لا أملِكُ لكَ من اللهِ شَيئًا»، أي: من المَغفِرةِ والشَّفاعةِ حتى يَأذَنَ اللهُ ﷾ في الشَّفاعةِ لمَن أرادَ، كما قالَ تَعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]. وفيه: أنَّ العُقوباتِ قد تَكونُ من جِنسِ الذُّنوبِ.
وهذا الحَديثُ يُفسِّرُ قَولَه: ﴿يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] أنَّه يأتي يَحمِلُه على رَقبتِه ليَكونَ أبلَغَ في فَضيحَتِه وليَتبيَّنَ للأشهادِ جِنايَتُه، وحَسبُكَ بهذا تَعظيمًا لإثمِ الغُلولِ ولتَحذيرِ أُمَّتِه. وقَولُه:«صَامِتٌ» هو الذَّهبَ والفِضةُ.