للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسلِمينَ، أي: رَدَّه عليهم من الكُفارِ؛ فإنَّ الأصلَ أنَّ اللهَ تَعالى إنَّما خلَقَ الأموالَ إعانةً على عِبادَتِه؛ لأنَّه إنَّما خلَقَ الخَلقَ لعِبادَتِه، فالكافِرونَ به أباحَ أنفُسَهم التي لمْ يَعبُدوه بها، وأموالَهم التي لم يَستَعينوا بها على عِبادَتِه لعِبادِه المُؤمِنينَ الذين يَعبُدونه، وأفاءَ إليهم ما يَستحقُّونه كما يُعادُ على الرَّجلِ ما غصَبَ من مِيراثِه وإنْ لم يَكنْ قبَضَه قبلَ ذلك، وهذا مِثلُ الجِزيةِ التي على اليَهودِ والنَّصارى والمالِ الذي يُصالَحُ عليه العَدوُّ أو يُهدونَه إلى سُلطانِ المُسلِمينَ كالحِملِ الذي يُحمَلُ من بِلادِ النَّصارى ونَحوِهم وما يُؤخَذُ من تُجَّارِ أهلِ الحَربِ وهو العُشرُ ومن تُجارِ أهلِ الذِّمةِ إذا اتَّجَروا في غيرِ بِلادِهم وهو نِصفُ العُشرِ. هكذا كانَ عُمرُ بنُ الخَطابِ : يَأخذُ ما يُؤخَذُ من أموالِ مَنْ يَنقُضُ العَهدَ منهم والخَراجَ الذي كانَ مَضروبًا في الأصلِ عليهم، وإنْ كانَ قد صارَ بَعضُه على بعضِ المُسلِمينَ.

ثم إنَّه يَجتمِعُ من الفَيءِ جَميعُ الأموالِ السُّلطانيةِ التي لبَيتِ مالِ المُسلِمينَ كالأموالِ التي ليسَ لها مالِكٌ مُعيَّنٌ، مِثلَ من ماتَ من المُسلِمينَ وليسَ له وارِثٌ مُعيَّنٌ وكالمَغصوبِ والعَوارِي والوَدائِعِ التي تَعذَّرت مَعرِفةُ أصحابِها، وغيرِ ذلك من أموالِ المُسلِمينَ العَقارِ والمَنقولِ، فهذا ونَحوُه مالُ المُسلِمينَ، وإنَّما ذكَرَ اللهُ تَعالى في القُرآنِ الفَيءَ فقط؛ لأنَّ النَّبيَّ ما كانَ يَموتُ على عَهدِه مَيِّتٌ إلا وله وارِثٌ مُعيَّنٌ لظُهورِ الأنسابِ في أصحابِه (١).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٢٧٦، ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>