فارِسًا وقاتَلَ راجِلًا استحَقَّ سَهمَ فارِسٍ، وإرهابُ العَدوِّ إنَّما يَحصُلُ بالدُّخولِ؛ لأنَّ عندَه يَنتَشِرُ الخبَرُ ويَصِلُ إليهم أنَّه دخَلَ كذا وكذا فارِسًا، وكذا وكذا رَاجِلًا ويَتعذَرَ الوُقوفُ عليهم عندَ القِتالِ؛ لأنَّه وَقتُ التِقاءِ الصَّفَّينِ وتَعبِئةِ الجُيوشِ وتَرتيبِ الصُّفوفِ، والوَقتُ حينَئذٍ يَضيقُ عن اعتبارِ الفارِسِ من الراجِلِ ومَعرِفَتِهم وكَتْبِهم، وقد تَقعُ الحاجةُ إلى القِتالِ راجِلًا في المَضايِقِ وأبوابِ الحُصونِ وبينَ الشَّجرِ ونَحوِ ذلك، فوجَبَ أنْ يُعتبَرَ السَّببُ الظاهِرُ وهو المُجاوَزةُ لحُصولِ المَقصودِ به على ما بيَّنَّا، ولأنَّ اللهَ تَعالى جعَلَ الدُّخولَ في أرضِ العَدوِّ كإصابةِ العَدوِّ بقَولِه: ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٠] (١).
ثم يَجعَلُها خَمسةَ أقسامٍ مُتساوِيةٍ:
الخُمسُ الأولُ: قد اختَلفَ العُلماءُ في مَصرِفِه على ثَلاثةِ أقوالٍ:
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ هذا الخُمسَ يُقسَمُ خَمسةَ أقسامٍ، كما قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١].
الخُمسُ الأولُ: للهِ ولرَسولِه: ويُصرَفُ بعدَ مَوتِ النَّبيِّ ﷺ في الكُراعِ والسِّلاحِ ومَصالحِ المُسلِمينَ، يَضَعُه الإمامُ في كلِّ أمرٍ خُصَّ به
(١) «الاختيار» (٤/ ١٣٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٤٥)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٤٣٢)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٥٧٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute