للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ نفَّذَ الإمامُ من دارِ الإسلامِ جيشَينِ أو سَريَّتينِ فأكثَرَ انفرَدَ كلٌّ بما غنِمَه لانفِرادِه بالجِهادِ بخِلافِ ما إذا فصَل الجَيشُ فدخَلَ بجُملَتِه بِلادَ الكُفارِ؛ فإنَّ جَميعَهم اشتَركوا في الجِهادِ فاشتَركوا في الغَنيمةِ.

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : ولو أنَّ قائِدًا فرَّقَ جُنودَه في وَجهَينِ، فغنِمَت إحدى الفِرقتَينِ ولمْ تَغنَمِ الأُخرى، أو بعَثَ سَريةً من عَسكرٍ أو خرَجَت هي، فغَنِمت في بِلادِ العَدوِّ ولم يَغنَمِ العَسكرُ، أو غنِمَ العَسكرُ ولمْ تَغنَمِ السَّريةُ، شارَكَ كلُّ واحِدٍ من الفَريقَينِ صاحِبَه؛ لأنَّهما جَيشٌ واحِدٌ (١).

وقالَ الإمامُ الشِّيرازيُّ : وإنْ خرَجَ أميرٌ في جَيشٍ وأنفَذَ سَريةً من الجَيشِ إلى الجِهةِ التي يَقصِدُها أو إلى غيرِها فغنِمَت السَّريةُ شارَكَهم الجَيشُ، وإنْ غنِمَ الجَيشُ شارَكَتْهم السَّريةُ.

لأنَّ النَّبيَّ حينَ هزَمَ هَوازِنَ بحُنَينٍ أسرى قِبَلَ أَوْطاسٍ سَريةً وغنِمَت فقسَمَ غَنائمَهم بينَ الجَميعِ، ورَوى عَمرُو بنُ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النَّبيَّ قالَ: «المُسلِمونَ يَدٌ على مَنْ سِواهم، يُجيرُ عليهم أدناهُم، ويَرُدُّ عليهم أَقصاهم، وتُردُّ سَراياهم على قاعِدِهم» (٢). ولأنَّ الجَميعَ جَيشٌ واحِدٌ لمْ يَختَصَّ بعضُهم بالغَنيمةِ.

وإنْ أنفَذَ سَريَّتَينِ إلى جِهةٍ واحِدةٍ من طَريقٍ أو طَريقَينِ اشتَركَ الجَيشُ والسَّريتانِ فيما يَغنَمُ كلُّ واحِدٍ منهم؛ لأنَّ الجَميعَ جَيشٌ واحِدٌ.


(١) «الأم» (٤/ ١٤٦).
(٢) حَسَنُ الإسناد: رواه الإمام أحمد في «المسند» (٦٦٩٢)، وابن الجارود في «المنتقى» (١٠٥٢)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>