للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والأصلُ في ذلك حَديثُ: «صَلَاةُ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى، فإذا خَشِيَ أَحدُكُمُ الصُّبحَ صلَّى رَكعَةً واحدةً تُوتِرُ له ما قَدْ صلَّى» (١).

ويُستَثنَى مِنْ كَراهَةِ الإيتار برَكعةٍ واحدةٍ مَنْ كانَ له عُذرٌ، كالمُسافرِ والمَريضِ، فقد قِيلَ: لا يُكرَهُ له ذلك، وقيلَ: يُكرَهُ له أيضًا.

فإن أوتَرَ دونَ عُذرٍ بواحدةٍ دونَ شَفعٍ قبلَها، قال أشهَبُ: يُعيدُ وِترَه بإثرِ شَفعٍ، ما لم يُصلِّ الصُّبحَ، وقال سُحنُونُ: إن كان بحَضرةِ ذلك، أي: بالقُربِ، شَفَعَها برَكعةٍ، ثم أوتَرَ، وإن تباعد أجزَأَهُ.

وقالوا: لا يُشترَطُ في الشَّفعِ قبلَ الوِترِ نيَّةٌ تَخُصُّه، بل يَنوبُ مَكانَ الشَّفعِ كلُّ نافِلةٍ. هذا هو الصَّحيحُ (٢).

وذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّ أقَلَّ صَلاةِ الوِترِ رَكعةٌ واحدةٌ، ويَجوزُ ذلك بِلا كَراهَةٍ، لكنَّ الاقتصارَ عليها خِلافُ الأَولَى؛ لحَديثِ: «صَلَاةُ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى، فإذا خَشِيتَ الصُّبحَ فَأَوتِر بِواحدةٍ» (٣).

ونَصَّ الحَنابلَةُ على أنَّه لا يُكرَهُ الإيتارُ بها مُفرَدَةً، ولو بِلا عُذرٍ مِنْ مرَضٍ أو سَفرٍ ونحوِهما؛ لِلحَديثِ السابقِ، وأكثرُ الوِترِ عندَهم إحدى عَشرَةَ رَكعةً، وفي وَجهٍ عندَ الشافِعيَّةِ أكثرُه ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعةً، ويَجوزُ بِما


(١) رواه البخاري (٩٤٦)، ومسلم (٧٤٩).
(٢) «المنتَقى» للباجي (١/ ٢٢٣)، و «كِفاية الطالِب الرباني» (١/ ٣٦٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٧٢)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢٠٠)، و «الثمر الداني» (١/ ١٤٠).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>