للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الثانِيةُ: يَصحُّ أمانُه، وهو قَولُ مالِكٍ.

وقالَ أبو بَكرٍ: يَصحُّ أمانُه رِوايةً واحِدةً.

وحمَلَ رِوايةَ المَنعِ على غيرِ المُميِّزِ، واحتجَّ بعُمومِ الحَديثِ -أي حَديثِ: «ذِمةُ المُسلِمينَ واحِدةٌ … » -؛ لأنَّه مُسلِمٌ مُميِّزٌ، فصَحَّ أمانُه كالبالِغِ، وفارَقَ المَجنونَ؛ فإنَّه لا قَولَ له أصلًا» (١).

وقالَ في مَوطِنٍ آخَرَ: ولا يَصحُّ أمانُ مَجنونٍ ولا طِفلٍ؛ لأنَّ كَلامَه غيرُ مُعتبَرٍ ولا يَثبُتُ به حُكمٌ (٢).

فكَلامُ ابنِ المُنذِرِ يُشعِرُ بأنَّ أمانَ الصَّبيِّ غيرِ المُميِّزِ غيرُ جائِزٍ، وأمَّا المُميِّزُ ففيه الخِلافُ المَنقَولُ آنِفًا.

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ في «الفَتحِ»: وأمَّا الصَّبيُّ فقالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ أمانَ الصَّبيِّ غيرُ جائِزٍ. قُلتُ: وكَلامُ غيرِه يُشعِرُ بالتَّفرقةِ بينَ المُراهِقِ وغيرِه، وكذلك المُميِّزُ الذي يَعقِلُ، والخِلافُ عن المالِكيةِ والحَنابِلةِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ الهُمامِ : وإنْ أمَّنَ الصَّبيُّ وهو لا يَعقِلُ لا يَصحُّ بإجماعِ الأئِمةِ الأربَعةِ كالمَجنونِ، وإنْ كانَ يَعقِلُ وهو مَحجورٌ عن القِتالِ فعلى الخِلافِ بينَ أصحابِنا؛ لا يَصحُّ عندَ أبي حَنيفةَ، ويَصحُّ عندَ مُحمدٍ،


(١) «المغني» (٩/ ١٩٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٠٣)، و «المبدع» (٣/ ٣٨٩).
(٢) «المغني» (٩/ ١٩٦).
(٣) «فتح الباري» (٦/ ٢٧٤)، و «عمدة القاري» (١٥/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>