قالَ الإمامُ السَّرخسيُّ ﵀: وكذلك الغِلمانُ الذين لم يَبلُغوا إذا أطاقوا القِتالَ فلا بأسَ أنْ يَخرُجوا ويُقاتِلوا في النَّفيرِ العامِّ، وإنْ كرِهَ ذلك الآباءُ والأُمَّهاتُ (١).
وقالَ الإمامُ الزَّيلعيُّ ﵀:«وفَرضُ عَينٍ إنْ هجَمَ العَدوُّ، فتَخرُجُ المَرأةُ والعَبدُ بلا إذْنِ زَوجِها وسَيِّدِه»؛ لأنَّ المَقصودَ لا يَحصُلُ إلا بإقامةِ الكُلِّ فيَجبُ على الكلِّ، وحقُّ الزَّوجِ والمَولى لا يَظهرُ في حقِّ فُروضِ الأعيانِ، كالصَّلاةِ والصِّيامِ، بخِلافِ ما قبلَ النَّفيرِ؛ لأنَّ بغيرِهم كِفايةً، فلا ضَرورةَ إلى إبطالِ حقِّهما، وكذا الوَلدُ يَخرجُ بغيرِ إذْنِ والِدَيه وفي غيرِ النَّفيرِ العامِّ لا يَخرجُ إلا بإذنِهما، وكذا كلُّ سَفرٍ فيه خَطرٌ؛ لأنَّ الإشفاقَ عليه يَضرُّهما، وإنْ لم يَكنْ فيه خَطرٌ فلا بأسَ أنْ يَخرجَ بغيرِ إذْنِهما إذا لم يُضيِّعْهما، والأجدادُ والجَدَّاتُ مِثلُهما عندَ عَدمِهما، وكذا المَدينُ لا يَخرجُ إلا بإذْنِ الدائِنِ إلا في النَّفيرِ العامِّ.
والأصلُ فيه قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]. أي: اخرُجوا إلى الجِهادِ شَبابًا وشُيوخًا أو رُكبانًا ومُشاةً أو فُقراءَ وأغنياءَ، وقد جاءَ في التَّفسيرِ: خِفافًا شَبابًا أغنياءَ، وثِقالَا شُيوخًا فُقراءَ، وهذا أبلَغُ، وفي الجامِعِ الصَّغيرِ: الجِهادُ واجِبٌ إلا أنَّ المُسلِمينَ في سَعةٍ حتى يُحتاجَ إليهم، فقَولُه في سَعةٍ، إشارةٌ إلى أنَّ مُباشَرةَ القِتالِ لا تَجِبُ في كلِّ وَقتٍ بل الاستِعدادُ له كافٍ، وقَولُه: حتى يُحتاجَ إليهم، إشارةٌ إلى أنَّ مُباشَرةَ القِتالِ