للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقِسمٌ: لم يَكنْ لهم عَهدٌ ولم يُحارِبوه أو كانَ لهم عَهدٌ مُطلَقٌ، فأمَرَ أنْ يُؤجِّلَهم أربَعةَ أشهُرٍ فإذا انسَلَخت قاتَلَهم إلى أنْ قالَ: فقاتِلِ الناقِضَ لعَهدِه وأجِّلْ مَنْ لا عَهدَ له، أو له عَهدٌ مُطلَقٌ أربَعةَ أشهُرٍ، وأمَرَه أنْ يُتمَّ للمُوفِّي بعَهدِه عَهدَه إلى مُدَّتِه، فأسلَمَ هؤلاء كلُّهم ولم يُقيموا على كُفرِهم إلى مُدتِهم، وضَربَ على أهلِ الذِّمةِ الجِزيةَ، فاستقَرَّ أمرُ الكُفارِ معه بعدَ نُزولِ «بَرَاءَةٌ»، على ثَلاثةِ أقسامٍ هي: مُحارِبونَ له، وأهلُ عَهدٍ، وأهلُ ذِمةٍ، ثم آلَ حالُ أهلِ العَهدِ والصُّلحِ إلى الإسلامِ، فصاروا معه قِسمَينِ هما: مُحارِبونَ، وأهلُ ذِمةٍ.

والمُحارِبونَ له خائِفونَ منه، فصارَ أهلُ الأرضِ معه ثَلاثةَ أقسامٍ: صاروا مُسلمًا مُؤمنًا به، ومُسالِمًا له آمِنًا، وخائِفًا مُحاربًا (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ زَكريَّا بنُ مُحمدِ بنِ أحمدَ بنِ زَكريَّا الأنصاريُّ : كانَ الجِهادُ مَمنوعًا منه قبلَ الهِجرةِ ثم بعدَها أمَرَ بقِتالِ مَنْ قاتَلَه ثم أُبيحَ الابتِداءُ به في غيرِ الأشهُرِ الحُرُمِ ثم أمَرَ به مُطلَقًا (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : قالَ الشافِعيُّ والأصحابُ : لمَّا بُعِث رَسولُ اللهِ أُمِرَ بالتَّبليغِ والإنذارِ بلا قِتالٍ، واتَّبعَه قَومٌ بعدَ قَومٍ وفُرضَت الصَّلاةُ بمَكةَ ثم فُرضَ الصَّومُ بعدَ الهِجرةِ بسنتَينِ، واختَلفُوا في أنَّ الزَّكاةَ فُرضَت بعدَ الصَّومِ أو قبلَه.


(١) «زاد المعاد» (٣/ ١٥٨، ١٦٠) بتصرف.
(٢) «فتح الوهاب» (٢/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>