للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابنِ عَباسٍ وأبي العاليةِ ومُجاهِدٍ والحَسنِ وقَتادةَ والرَّبيعِ بنِ أنَسٍ والسُّديِّ ومُقاتلِ بنِ حَيانَ وزَيدِ بنِ أسلَمَ: يَعني حتى لا يَكونَ شِركٌ.

ومِن السُّنةِ: قَولُ النَّبيِّ : «أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ ويُقيموا الصَّلاةَ ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإذا فعَلوا ذلك عصَموا مِنِّي دِماءَهم وأَموالَهم إلا بحَقِّ الإسلامِ وَحِسابُهم على اللهِ» (١). وهذه المَرحَلةُ الأخيرةُ هي التي استقَرَّ عليها الأمرُ في مُعاملِة المُسلِمينَ للكُفارِ من جَميعِ الأجناسِ أهلِ الكِتابِ وغيرِهم.

ولا يَختلِفُ العُلماءُ من المَذاهبِ الأربَعةِ وغيرِهم على أنَّه يَلزمُ المُسلِمينَ عندَ القُدرةِ ابتِداءُ الكُفارِ بالقِتالِ ولو لم يُقاتِلوا المُسلِمينَ، وهذا جِهادُ الطَّلبِ من لوازِمِ جِهادِ الدَّفعِ بالإجماعِ.

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجَصاصُ : ولا نَعلمُ أحدًا من الفُقهاءِ يَحظُرُ قتالَ من اعتزَلَ قِتالَنا من المُشرِكينَ، وإنَّما الخِلافُ في جَوازِ تَركِ قِتالِهم لا في حَظرِه، فقد حصَلَ الاتِّفاقُ من الجَميعِ على نَسخِ حَظرِ القِتالِ لمَن كانَ وَصفُه ما ذكَرْنا (٢).

وقد ذكَرَ الإمامُ ابنُ القَيمِ مَراحلَ تَشريعِ الجِهادِ فقالَ : فَصلٌ في تَرتيبِ سياقِ هَديِه مع الكُفارِ والمُنافِقينَ مِنْ حين بُعِث إلى حين لقِيَ اللهَ تَعالى، أوَّلُ ما أوْحَى إليه ربُّه أنْ يَقرأَ باسمِ ربِّه الذي خلَقَ، وذلك أوَّلُ


(١) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (١٣٤).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>