للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ جُمهورُ العُلماءِ وجَماعةُ أئمَّةِ الفُتيَا بالأمصارِ: لا يُؤكلُ شَيءٌ مِنْ ذلكَ كلِّه إذا ماتَ فيه شَيءٌ مِنْ الحَيوانِ الذي له دمٌ سائلٌ كالفَأرةِ والعُصفورِ والدَّجاجةِ والوَزغةِ وسائرِ الحَيوانِ المَأكولِ بالذَّكاةِ، وما يُؤكلُ مِنْ الحَيوانِ أصلًا فهو بذلكَ عندَهم أحرَى.

وشذَّتْ طائِفةٌ عَنْ الجَماعةِ منهُم داودُ فقالُوا: لا يُؤكلُ الجامِدُ المُتصلُ بالفَأرةِ مِنْ السَّمنِ، ويُؤكلُ غيرُ ذلكَ كلُّه مِنْ مائعٍ وجامِدٍ إذا لم تَظهرْ فيه النَّجاسةُ الواقِعةُ فيه ولم تُغيِّرْ شَيئًا منه، وحَكَموا هنا للمائِعاتِ حُكمَ الماءِ.

ومِن أهلِ البِدعِ أيضًا مَنْ أجازَ أكْلَ الجامِدِ وغيرِ الجامِدِ إذا وقَعَتْ فيه الفَأرةُ، ورَدُّوا الحَديثَ كرَدِّهم لسائرِ أخبارِ الآحادِ العُدولِ، عَصَمَنا اللهُ برَحمتِه مِنْ الخُذلانِ.

ويَلزمُ داوُدَ ومَن قالَ بقَولِه أنْ لا يَتعدَّى الفَأرةَ كما لا يَتعدَّى السَّمنَ، وأظَنُّه قالَه أو قالَه بعضُ أصحابِه، ويَلزمُهم أيضًا أنْ لا يَعتبِروا إلقاءَها في السَّمنِ الجامِدِ حتى تَكونَ هي التي وقَعَتْ بنَفسِها فماتَتْ؛ لأنَّ الحَديثَ إنما ورَدَ في فَأرةٍ وقَعَ في سَمنٍ، ليسَ فيه أُلقيَتْ، وكَفَى بقَولٍ يَؤولُ برَدِّ أصلِه إلى هذا فَسادًا وقُبحًا.

فهذا ما كانَ في أكلِ المائعِ إذا وقَعَتْ فيه المَيتةُ والحَيوانُ فماتَ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا وقَعَتِ النَّجاسةُ في مائعٍ كالدُّهنِ وما أشبَهَه نَجِسَ، واستَصبحَ به إنْ أحَبَّ، ولم يَحلَّ أكلُه ولا ثَمنُه).


(١) «الاستذكار» (٨/ ٥٠٧، ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>