وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ والإمامُ أبو حَنيفةَ في رِوايةٍ إلى حُرمةِ أكلِ الخَيلِ، وعلى هذهِ الرِّوايةِ عندَ أبي حَنيفةَ أنه مَكروهٌ تَحريمًا.
واستدلَّ على عَدمِ جَوازِ أكلِ لَحمِ الفَرسِ بالكِتابِ والسُّنةِ ودَلالةِ الإجماعِ.
(أما) الكِتابُ العَزيزُ: فقَولُه جَلَّ شَأنُه: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨]، ففرَّقَ اللهُ بينَها وبينَ الأنعامِ، فإنَّ اللهَ ﵎ ذكَرَ الأنعامَ فيما تقدَّمَ ومَنافعَها وبالَغَ في ذلكَ بقَولِه تعالَى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)﴾ [النحل: ٥]، وكذا ذكَرَ فيما بعدَ هذهِ الآيةِ الشَّريفةِ مُتصِلًا بها مَنافعَ الماءِ المُنزَّلِ مِنْ السَّماءِ، والمَنافعَ المُتعلِّقةَ باللَّيلِ والنهارِ والشَّمسِ والقَمرِ والنُّجومِ، والمَنافعَ المُتعلِّقةَ بالبَحرِ، على سَبيلِ المُبالغةِ بَيانَ شِفاءٍ لا بَيانَ كِفايةٍ، وذكَرَ في هذهِ الآيةِ أنه ﷾ خلَقَ الخَيلَ والبِغالَ والحَميرَ للرُّكوبِ والزِّينةِ، ذكَرَ مَنفعةَ الرُّكوبِ والزِّينةِ ولم يَذكرْ ﷾ مَنفعةَ الأكلِ، فدَلَّ أنه ليسَ فيها مَنفعةٌ أُخرى سِوى ما ذكَرْناهُ، ولو كانَ هناكَ مَنفعةٌ أُخرى سِوى ما ذكَرْنا لم يُحتملْ أنْ لا يَذكرَها عندَ ذِكرِ المَنافعِ المُتعلِّقةِ بها على سَبيلِ المُبالَغةِ والاستِقصاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute