للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا البَحريُّ: فيَنقسمُ ثَلاثةَ أقسامٍ: مُباحٌ ومَحظورٌ ومُختلَفٍ فيهِ، وأما المُباحُ فهو السَّمكُ على اختِلافِ أنواعِه، ويَختصُّ بحُكمينِ: أحَدُهما: أنه مُباحُ الأكلِ، والثَّاني: أنه لا يَفتقرُ إلى الذَّكاةِ ويَحلُّ أكلُه مَيتًا، لقَولِ النبيِّ في البَحرِ: «هو الطَّهورُ ماؤُه الحِلُّ مَيتتُه» (١).

واختَلفَ أصحابُنا في إباحةِ أكلِه حيًّا على وَجهينِ:

أحَدُهما: لا يَحلُّ أكلُه حيًّا حتى يَموتَ؛ لوُرودِ السُّنةِ بإحلاله بعدَ المَوتِ؛ لأنَّ موتَه ذَكاةٌ.

والوَجهُ الثَّاني: يَحلُّ أنْ يُؤكلَ حيًّا ومَيتًا؛ لأنه لا يَفتقرُ إلى ذَكاةٍ، وليسَ له حالُ تَحريمٍ، فعَمَّتْ فيه الإباحةُ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : قولُه : «فإنْ أمسَكَ عليكَ فأدرَكْتَه حيًّا فأذبَحْهُ»، هذا تَصريحٌ بأنه إذا أدرَكَ ذكاتَه وجَبَ ذَبحُه ولم يَحلَّ إلا بالذَّكاةِ، وهو مُجمَعٌ عليهِ، وما نُقلَ عن الحَسنِ والنخَعيِّ خلافَه فباطلٌ لا أظنُّه يَصحُّ عنهُما، وأما إذا أدرَكَه ولم تَبْقَ فيه حَياةٌ مُستقِرةٌ بأنْ كانَ قد قطَعَ حُلقومَه ومَريَّه أو أجافَه أو خرَقَ أمعاءَه أو أخرَجَ حَشوتَه فيَحلُّ مِنْ غيرِ ذَكاةٍ بالإجماعِ (٣).

وقد تَقدَّمَتِ المَسألةُ بالتَّفصيلِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٢) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٥٩، ٦٠).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>