السادِسُ: أنه إذا خُصَّ مِنْ طَعامِ الذينَ أوتُوا الكِتابَ ما يَستحلِّونَه مِنْ المَيتةِ والدمِ ولَحمِ الخِنزيرِ فلَأنْ يُخَصَّ منه ما يَستحلُّونَه ممَّا أُهلَّ به لغيرِ اللهِ أَولى وأحرَى.
السابعُ: أنه ليسَ المُرادُ مِنْ طَعامِهم ما يَستحلِّونَه وإنْ كانَ مُحرَّمًا عليهِم، فهذا لا يُمكِنُ القَولُ به؛ بل المُرادُ به ما أباحَه اللهُ لهُم، فلا يَحرمُ علينا أكلُه، فإنَّ الخِنزيرَ مِنْ طَعامِهم الذي يَستحلِّونَه ولا يُباحُ لنا، وتَحريمُ ما أُهلَّ به لغيرِ اللهِ عليهِم أعظَمُ مِنْ تَحريمِ الخِنزيرِ، وسِرُّ المَسألةِ أنَّ طَعامَهم ما أُبيحَ لهُم، لا ما يَستحلِّونَه مما حرمَ عليهِم.
الثامِنُ: أنَّ بابَ الذَّبائحِ على التَّحريمِ إلا ما أباحَه اللهُ ورَسولُه، فلو قُدِّرَ تَعارضُ دَليلَيِ الحَظرِ والإباحةِ لَكانَ العَملُ بدَليلِ الحظرِ أَولى؛ لثَلاثةِ أوجُهٍ:
أحَدُها: تَأيُّدُه بالأصلِ الحاظرِ.
الثاني: أنه أحوَطُ.
الثالِثُ: أنَّ الدَّليلَينِ إذا تَعارضَا تَساقَطَا ورُجعَ إلى أصلِ التَّحريمِ (١).