للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّطوُّعِ زِيادةٌ على الشَّفعِ، فكانَتِ الزِّيادةُ عليه كابتِداءِ تَطوُّعٍ آخرَ، وقد ذكَرنا أنَّ ابتِداءَ التَّطوُّعِ في المَسجدِ بعدَ الإقامةِ مَكروهٌ (١).

وجاءَ في «المُدَوَّنَةِ الكُبرَى»: وقالَ مالِكٌ في الرَّجلِ يَفتَتِحُ الصَّلاةَ نافِلةً فتُقامُ عليه الصَّلاةُ المَكتوبةُ قبلَ أن يَركَعَ هو شَيئًا، قالَ: إن كانَ ممَّن يَخِفُّ عليه الرَّكعَتانِ مثلَ الرَّجلِ الخَفيفِ يقدِرُ أن يَقرأَ فيهما بأُمِّ القُرآنِ وَحدَها كلَّ رَكعةٍ، ويُدرِكَ الإمامَ، رَأيتُ أن يَفعلَ، وإن كانَ رَجلًا ثَقيلًا لا يَستَطيعُ أن يُخفِّفَ رَأيتُ أن يَقطعَ بسَلامٍ ويَدخُلَ في الصَّلاةِ. (قالَ) -أي: ابنُ القاسِمِ-: فقُلتُ لِمالِكٍ: ما هذا الذي وَسَّعتَ له في أن يُصلِّيَ الرَّكعتَينِ، ثم يُصلِّيَ معَ الإمامِ؟ أهو على أن يُدرِكَ الإمامَ قبلَ أن يَفتَتحَ الصَّلاةَ أم يُدرِكَه قبلَ أن يَركَعَ؟ قالَ: بل يُدرِكُه قبلَ أن يَركَعَ، (قُلتُ) -أي: سُحنونُ-: فهل عليه في قولِ مالِكٍ قَضاءُ ما قطعَ؟ قالَ: لم يَقُل لنا قَطُّ أنَّ عليه القَضاءَ. (قالَ): ولا يَكونُ عليه القَضاءُ؛ لأنَّه لمَ يَقطعها مُتعمِّدًا، بل جاءَ ما قطعَها عليه، ويَكونُ قَطعُه بسَلامٍ، فإن لم يَقطعها بسَلامٍ أعادَ الصَّلاةَ (٢).

وتَفصِيلُ مَذهبِ المالِكيَّةِ على النحوِ الآتي:

يَحرمُ على المُكلَفِ ابتِداءُ صَلاةٍ، فَرضًا أو نَفلًا بجَماعةٍ بعدَ الإقامةِ لِلإمامِ الرَّاتبِ.

فإن أُقِيمَت صَلاةُ الرَّاتبِ بمَسجدٍ قطعَ المُصلِّي صَلاتَه إذا كانَ بالمَسجدِ أو في رَحبَتِه، ودخلَ معَ الإمامِ، سَواءٌ كانَت صَلاتُه التي يُصلِّيها نافِلةً أو


(١) «معاني الآثار» (١/ ٢٨٦).
(٢) المُدوَّنة «الكبرى» (١/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>