للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا له دَمٌ، ولم يَكرهْ أكْلَ السَّمكِ إذا أُلقيَ في النارِ، إنما كَرِهَ تَعذيبَه بالنارِ، وأما الجَرادُ فسهَّلَ في إلقائِه؛ لأنه لا دَمَ له، ولأنَّ السَّمكَ لا حاجَةَ إلى إلقائِه في النارِ؛ لإمكانِ تَركِه حتى يَموتَ بسُرعةٍ، والجَرادُ لا يَموتُ في الحالِ، بل يَبقَى مُدةً طَويلةً، وفي مُسندِ الشافِعيِّ «أنَّ كَعبًا كانَ مُحرِمًا فمَرَّتْ به رِجلٌ مِنْ جَرادٍ فنَسيَ وأخَذَ جَرادَتينِ فألقاهُمَا في النارِ وشَواهُما وذكَرَ ذلكَ لعُمرَ، فلمْ يُنكِرْ عُمرُ ترْكَهُما في النارِ»، وذكَرَ له حديثَ ابنِ عُمرَ: «كانَ الجَرادُ يُقلَى له فقالَ: إنما يُؤخَذُ الجَرادُ فتُقطعُ أجنِحَتُه ثم يُلقَى في الزَّيتِ وهو حيٌّ» (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنه يَحرمُ قَليُ السَّمكِ قبلَ مَوتِه، قالَ العَمرانِيُّ : لا يَحلُّ أنْ يَقليَ السَّمكَ قبلَ مَوتِه، أنْ يأخُذَه وهو يَضطربُ فيَطرحَه في الزَّيتِ المَغليِّ؛ لأنه تَعذيبٌ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : ولو قَلَى السَّمكَ قبلَ مَوتِها وطرَحَها في الزَّيتِ المَغليِّ وهي تَضطربُ، قالَ الشيخُ أبو حامِدٍ: لا يَحِلُّ فِعلُه؛ لأنه تَعذيبٌ، وهذا تَفريعٌ على اختِيارِه في ابتلاعِ السَّمكةِ حَيةً أنه حَرامٌ، فإنْ قُلنَا بكَراهةِ ذلكَ فلا يَحرمُ، فكَذا هذا (٣).


(١) «المغني» (٩/ ٣١٥)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٣٢٩).
(٢) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٤/ ٥٢٥).
(٣) «المجموع» (٩/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>