للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«التَّلقِين»: ومِن أصحابِنا مَنْ لا يُراعِي فيه السَّببَ، وعن أحمَدَ رِوايتانِ: أظهَرُهما: حِلهُّ مِنْ غيرِ اعتِبارِ السَّببِ، والثانيةُ: اعتِبارُ السَّببِ في حِلِّه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعُوا على إباحَةِ أكلِ الجَرادِ إذا وُجدَ مَيتًا، وانفَردَ مالكُ بنُ أنسٍ واللَّيثُ بنُ سَعدٍ فحَرَّماهُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : يُباحُ أكلُ الجَرادِ بإجماعِ أهلِ العِلمِ، وقد قالَ عَبدُ اللهِ بنُ أبِي أَوفى: «غَزَونا معَ رَسولِ اللهِ سَبْعَ غَزَواتٍ نأكلُ الجَرادَ» رواهُ البُخاريُّ وأبو داودَ، ولا فرْقَ بينَ أنْ يَموتَ بسَببٍ أو بغَيرِ سَببٍ في قَولٍ عامَّةِ أهلِ العِلمِ، منهُم الشافِعيُّ وأصحابُ الحَديثِ وأصحابُ الرأيِ وابنُ المُنذرِ.

وعن أحمَدَ أنه إذا قتَلَه البَردُ لم يُؤكلْ، وعنهُ: لا يُؤكلُ إذا ماتَ بغَيرِ سَببٍ، وهو قولُ مالكٍ، ويُروَى أيضًا عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ.

ولنا: عُمومُ قَولِه : «أُحِلَّتْ لنا مَيتَتانِ ودَمَانِ: فالمَيتتَانِ السَّمكُ والجَرادُ» ولم يُفصِّلْ، ولأنه تُباحُ مَيتتُه، فلمْ يُعتبَرْ له سَببٌ كالسَّمكِ، ولأنه لو افتَقرَ إلى سَببٍ لَافتَقرَ إلى ذَبحٍ وذابحٍ وآلةٍ كبَهيمةِ الأنعامِ (٣).

وقالَ القاضِي عبدُ الوهابِ : الجَرادُ عندَ مالِكٍ لا يُؤكلُ إلا إذا ماتَ بسَببٍ، وقالَ مُحمدُ بنُ عَبدِ الحَكمِ: يُؤكلُ وإنْ ماتَ بغَيرِ سَببٍ، فوَجهُ


(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٥١).
(٢) «الإجماع» (٧٤٤).
(٣) «المغني» (٩/ ٣١٥)، ويُنظَر: «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٢/ ٦١٦)، و «أحكام القرآن» (١/ ١٣٥، ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>