للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه ليسَ بطافٍ، إنما الطَّافي اسمٌ لِمَا ماتَ في الماءِ مِنْ غَيرِ آفةٍ وسَببٍ حادِثٍ، وهذا ماتَ بسَببٍ حادِثٍ وهو قَذفُ البَحرِ، فلا يَكونُ طافِيًا.

ثمَّ السَّمكُ الطَّافي الذي لا يَحلُّ أكلُه هو الذي يَموتُ في الماءِ حَتْفَ أنفِه بغَيرِ سَببٍ حادِثٍ منهُ، سَواءٌ عَلا على وَجهِ الماءِ أو لم يَعْلُ بعدَ أنْ ماتَ في الماءِ حَتفَ أنفِه مِنْ غيرِ سَببٍ حادِثٍ.

ولو ماتَ مِنْ الحَرِّ والبَردِ وكَدرِ الماءِ ففيهِ رِوايتانِ:

إحداهُما: لا يُؤكلُ؛ لأنَّ الحَرَّ والبَردَ وكدَرَ الماءِ ليسَ مِنْ أسبابِ المَوتِ ظاهِرًا، فلمْ يُوجَدِ المَوتُ بسَببٍ حادِثٍ يُوجِبُ المَوتَ ظاهِرًا وغالبًا، فلا يُؤكلُ.

والثَّانيةُ: يُؤكلُ؛ لأنَّ هذهِ أسبابُ المَوتِ في الجُملةِ، فقدْ وُجدَ المَوتُ بسَببٍ حادِثٍ، فلمْ يَكنْ طافيًا، فيُؤكلُ، ويَستوِي في حِلِّ الأكلِ جَميعُ أنواعِ السَّمكِ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى إباحَةِ الطَّافي مِنْ السَّمكِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ [المائدة: ٩٦]، وقالَ عُمرُ : «صَيدُه ما اصطِيدَ، وطَعامُه ما رَمَى به»، وقالَ أبو بَكرٍ : «الطَّافي حَلالٌ»، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ : «طَعامُه مَيتتُه، إلا ما قَذِرْتَ مِنها» (٢).


(١) «أحكام القرآن» (١/ ١٣٣)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٦)، و «الاختيار» (٥/ ١٨، ١٩)، و «البناية شرح الهداية» (١١/ ٦٠٩)، و «عمدة القاري» (٢١/ ١٠٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٧٤، ٤٧٥).
(٢) ذكَرَها عنهُم الإمامُ البُخاريُّ في «صَحيحِه» (٥/ ٢٠٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>