للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الخطَّابيُّ : ولم يَختلفُوا أنَّ الأمَّ أحَقُّ بالولدِ الطِّفلِ مِنْ الأبِ ما لم تتزوَّجْ، فإذا تزوَّجتْ فلا حَقَّ لها في حَضانةٍ، فإنْ كانَتْ لها أمٌّ فأمُّها تَقومُ مَقامَها، ثم الجَدَّاتُ مِنْ قِبلِ الأمِّ أحَقُّ به ما بَقيَتْ منهُنَّ واحِدةٌ (١).

وذهَبَ الإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ حَقَّ الأمِّ في حَضانةِ البِنتِ خاصَّةً لا يَسقطُ حقُّها وإنْ تزوَّجتْ، أمَّا في الغُلامُ فيَسقطُ حقُّها إنْ تزوَّجتْ.

ثمَّ اختَلفَتِ الروايةُ عنه في الجارِيةِ، فقالَ في رِوايةٍ: حتَّى تَبلغَ سَبعَ سِنينَ، وفي رِوايةٍ ثانيةٍ: حتَّى تَبلغَ بحَيضٍ أو غَيرِه.

وكذلكَ هو قَولُ الحَسنِ البَصريِّ وابنِ حَزمٍ مُطلَقًا أنَّ الحَضانةَ لا تَنتقلُ ولا تَسقطُ عن الأمِّ بزَواجِها، سَواءٌ كانَ الطِّفلُ ذكَرًا أو أنثَى، واحتَجُّوا على ذلكَ ما رواهُ نَافعُ بنُ عُجيرٍ عن أبيه عن عَليٍّ قالَ: «خرَجَ زيدُ بنُ حارِثةَ إلى مكَّةَ فقَدِمَ بابنَةِ حَمزةَ فقالَ جَعفرٌ: أنا آخُذُها أنا أحَقُّ بها، ابنَةُ عمِّي وعِندي خالتُها، وإنَّما الخالةُ أمٌّ، فقالَ عَليٌّ: أنا أحَقُّ بها، ابنَةُ عمِّي وَعِندِي ابنةُ رَسولِ اللهِ ، وهي أحَقُّ بها، فقالَ زَيدٌ: أنا أحَقُّ بها، أنا خَرَجتُ إليها وسافَرتُ وقَدِمتُ بها، فخرَجَ النبيُّ فذكَرَ حَديثًا قالَ: وأمَّا الجارِيةُ فأَقضِي بها لجَعفرٍ تَكونُ معَ خالَتِها، وإنَّما الخالَةُ أمٌّ» (٢)، فقَضَى بها للخالةِ وهي مزوَّجةٌ، وقالَ : «الخالةُ أمٌّ»، فدَلَّ على أنَّ الأمَّ لا يَسقطُ حقُّها في حَضانةِ الجارِيةِ إنْ تزوَّجتْ (٣).


(١) «معالم السنن» (٣/ ٢٨٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢٧٨).
(٣) «المغني» (٨/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>