للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَتولَّى الحَضانةَ بنَفسِه، وإنما يَدفعُه إلى امرَأتِه، وأمُّه أَولى به مِنْ امرأةِ أبيه (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وأما تَقديمُ الأمِّ على الأبِ في حَقِّ الصَّغيرِ فمُتفَقٌ عليه (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ الهُمامِ : فالأمُّ أحقُّ بالوَلدِ بالإجماعِ (٣).

وقالَ الإمامُ الزَّيلعيُّ : وإنما كانَتْ أحَقَّ؛ لأنَّ الأمَّةَ أجمَعَتْ على أنَّ الأمَّ أحَقُّ بالوَلدِ ما لم تَتزوَّجْ، يَعني بزَوجٍ آخَرَ … ولأنَّ الصِّغارَ لمَّا عَجَزوا عن مَصالحِهم جعَلَ الشرعُ وِلايتَها إلى غيرِهم، فجعَلَ وِلايةَ التصرُّفِ في النَّفسِ والمالِ إلى الآباءِ؛ لأنهم أقوَى رَأيًا مع الشَّفقةِ الكامِلةِ، وأوجَبَ النَّفقةَ عليهِم؛ لكَونِهم أقدَرَ عليها، وجعَلَ الحَضانةَ إلى الأمَّهاتِ؛ لأنهُنَّ أشفَقُ وأرفَقُ وأقدَرُ وأصبَرُ على تَحمُّلِ المَشاقِ بسَببِ الوَلدِ على طُولِ الأعصارِ وأفرَغُ للقِيامِ بخِدمتِه، فكانَ في تَفويضِ الحَضانةِ إليهِنَّ، وغيرِها مِنْ المَصالحِ إلى الآباءِ؛ زِيادةَ مَنفعةٍ على الصَّغيرِ، فكانَ حسنًا وأنظَرَ للصَّغيرِ، فيكونُ مَشروعًا، ولهذا قالَ أبو بَكرٍ لعُمرَ حينَ فارَقَ امرَأتَه: «رِيحُها ومَسُّها ومَسحُها ورِيقُها خَيرٌ له مِنْ الشَّهدِ عندَكَ»، ولم يُنكِرْ عليه أحَدٌ فكانَ إجماعًا (٤).


(١) «المغني» (٨/ ١٩٠، ١٩١).
(٢) «جامع المسائل» (٣/ ٤٢٥).
(٣) «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٦٧).
(٤) «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٦، ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>