للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحصلُ للزَّوجينِ، فلا يَجوزُ لها أنْ تَأخذَ عِوضًا عن مَنفعةٍ تَحصلُ لها، حتى لو استَأجرَها على إرضاعِ وَلدِه مِنْ غَيرِها جازَ؛ لأنَّ ذلكَ غيرُ واجبٍ عليها، فلا يَكونُ أخذُ الأجرةِ على فِعلٍ واجِبٍ عليها، وكذا ليسَ في حِفظِه مَنفعةٌ تَعودُ إليها؛ لأنه لا يَجبُ عليها أنْ تُسكِنَه معها.

وكذلكَ إذا كانَتْ مُعتدَّةً مِنْ طَلاقٍ رَجعيٍّ لا يَحلُّ لها أنْ تَأخذَ الأجرةَ كما لا يَجوزُ في صُلبِ النكاحِ؛ لأنَّ النكاحَ بعدَ الطَّلاقِ الرَّجعيِّ قائمٌ مِنْ كلِّ وَجهٍ.

ولأنَّ أوقاتَ الرَّضاعِ مُستحَقةٌ لاستِمتاعِ الزَّوجِ ببَدلٍ وهو النَّفقة، فلا يَجوزُ أنْ تَأخذَ بَدلًا آخَرَ، وإنْ أبَتْ أنْ تُرضِعَ لم تُكرَهْ على ذلكَ؛ لأنَّ المُستحَقَّ عليها بالنكاحِ تَسليمُ النَّفسِ إلى الزوجِ للاستِمتاعِ، وما سِوَى ذلكَ مِنْ الأعمالِ تُؤمَرُ به تَديُّنًا ولا تُجبَرُ عليهِ في الحُكمِ، نحوَ كَنسِ البَيتِ وغَسلِ الثِّيابِ والطبخِ والخَبزِ، فكذلكَ إرضاعُ الولدِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنه يَجوزُ أخذُ الأجرةِ؛ لأنه عَملٌ يَجوزُ أخذُ الأجرةِ عليهِ بعدَ البَينونةِ، فجازَ أخذُ الأجرةِ عليه قبلَ البَينونةِ كالنَّسجِ، وتَقدَّمَ كلامُ الإمامِ ابنِ قُدامةَ بالتَّفصيلِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما حُقوقُ الزَّوجِ على الزَّوجةِ بالرَّضاعِ وخِدمةِ البَيتِ على اختِلافٍ بينَهُم في ذلكَ؛ وذلكَ أنَّ قَومًا أَوجَبُوا عليها


(١) «المبسوط» (٥/ ٢٠٩)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ٤٠، ٤١)، و «المهذب» (٢/ ١٦٨).
(٢) «المهذب» (٢/ ١٦٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٨٦، ٢٨٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٨٦، ١٨٧)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٣٦، ٢٣٧)، و «المغني» (٨/ ٢٠٠، ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>