للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكَذلكَ إذا وُجدَ مَنْ يَتبرعُ بإرضاعِه لم تُستحقَّ على الأبِ أجرةُ الرَّضاعِ، وإنِ ادَّعَتِ المرأةُ أنَّ الأبَ لا يَجدُ غيرَها فالقَولُ قولُ الأبِ؛ لأنها تدَّعي استِحقاقَ أجرةِ المِثلِ والأصلُ عَدمُه (١).

وأما الحَنابلةُ فقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : الأمُّ إذا طلبَتْ إرضاعَه بأجرِ مِثلِها فهيَ أحَقُّ به، سَواءٌ كانَتْ في حالِ الزَّوجيةِ أو بعدَها، وسواءٌ وجَدَ الأبُ مُرضِعةً مُتبرعةً أو لم يَجدْ.

وقالَ أصحابُ الشافِعيِّ: إنْ كانَتْ في حِبالِ الزوجِ فلزَوجِها منعُها مِنْ إرضاعِه؛ لأنه يُفوِّتُ حَقَّ الاستمتاعِ بها في بَعضِ الأحيانِ، وإنِ استَأجرَها على رَضاعِه لم يَجزْ؛ لأنَّ المَنافعَ حَقٌّ له، فلا يَجوزُ أنْ يَستأجرَ منها ما هوَ أو بَعضُه حَقٌّ له، وإنْ أرضَعَتِ الوَلدَ فهل لها أجرُ المِثلِ على وَجهينِ.

وإنْ كانَتْ مُطلَّقةً وطلَبَتْ أجْرَ المثلِ فأرادَ انتِزاعَه منها ليُسلِّمَه إلى مَنْ تُرضعُه بأجرِ المثلِ أو أكثرَ لم يَكنْ له ذلكَ، وإنْ وجَدَ مُتبرعةً أو مَنْ تُرضِعُه بدونِ أجرِ المِثلِ له انتِزاعُه منها في ظاهِرِ المَذهبِ؛ لأنه لا يَلزمُه التزامُ المُؤنةِ مع دَفعِ حاجةِ الولدِ بدُونِها.

وقالَ أبو حَنيفةَ: إنْ طلبَتِ الأجرَ لم يَلزمِ الأبَ بَذلُه لها، ولا يَسقطُ حَقُّها مِنْ الحَضانةِ، وتَأتي المُرضِعةُ تُرضعُه عندَها؛ لأنه أمكَنَ الجَمعُ بينَ الحقَّينِ، فلمْ يَجُزِ الإخلالُ بأحدِهما.


(١) «المهذب» (٢/ ١٦٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٨٦، ٢٨٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٨٦، ١٨٧)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٣٦، ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>