للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنه إذا كانَ الرَّجلُ فَقيرًا زَمِنًا وله ابنٌ وأبٌ مُوسِرانِ .. ففيهِ ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أحَدُها: تَجبُ نَفقتُه على الأبِ؛ لأنَّ وُجوبَ النَّفقةِ على الأبِ مَنصوصٌ عليها في القُرآنِ، ووُجوبَ النَّفقةِ على الابنِ مُجتهَدٌ فيها.

والثَّاني -وهو الصَّحيحُ-: أنَّ نَفقتَه على الابنِ؛ لأنه أقوَى تَعصيبًا مِنْ الأبِ، وهو الأَولى بالقِيامِ بشَأنِ أبيه؛ لعِظَمِ حُرمتِه.

والثالِثُ: تَجبُ نَفقتُه عليهِما؛ لأنهُما مُتساوِيانِ في الدَّرجةِ منه والتَّعصيبِ.

قالَ العَمرانِيُّ : فإذا قُلنَا بهذا فهلْ تَجبُ عليهِما نِصفَينِ؟ أو تُعتبَرُ بمِيراثِهما منه؟ فيه وَجهانِ: الأصحُّ أنها عليهِما نِصفانِ.

وإنِ اجتَمعَ ابنٌ وجَدٌّ .. فمِن أصحابِنا مَنْ قالَ: هو كما لو اجتَمعَ الابنُ والأبُ.

ومنهُم مَنْ قالَ: يَجبُ على الابنِ وَجهًا واحِدًا؛ لأنه أقرَبُ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنَّ مِنْ كانَ له أبٌ مِنْ أهلِ الإنفاقِ لم تَجبْ نَفقتُه على سِواهُ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، وقالَ: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وقالَ النبيُّ لهِندَ: «خُذِي ما يَكفيكِ وولَدَكِ بالمَعروفِ»، فجعَلَ النَّفقةَ على أبيهِم دُونَها، ولأنَّ النَّفقةَ على الأبِ مَنصوصٌ عليها، فيَجبُ اتِّباعُ النصِّ وتَركُ ما عَداهُ (٢).


(١) «البيان» (١١/ ٢٥٤)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٩٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٨٩).
(٢) «المغني» (٨/ ١٧١، ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>