للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-وإما مِنْ كَسبِه عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ-، فأما مَنْ لا يَفضلُ عنه شَيءٌ فلَيسَ عليهِ شَيءٌ؛ لقَولِ النبيِّ : «إذا كانَ أحَدُكم فَقيرًا فلْيَبدأْ بنَفسِه، فإنْ كانَ فيها فَضلٌ فعَلى عِيالِه، فإنْ كانَ فيها فَضلٌ فعَلى ذِي قَرابتِه -أو قالَ: على ذِي رَحِمِه-، فإنْ كانَ فَضلًا فهَهُنا وههُنا» (١).

وعَن سَعيدِ بنِ أبي سَعيدٍ المَقبُريِّ عن أبي هُريرةَ عن رَسولِ اللهِ أنه قالَ يَومًا لأصحابِه: «تَصدَّقوا، فقالَ رَجلٌ: يا رَسولَ اللهِ عِندي دِينارٌ، قالَ: أنفِقْه على نَفسِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على زَوجتِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على وَلدِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنفِقْه على خادِمِكَ، قالَ: إنَّ عِندي آخَرَ، قالَ: أنتَ أبصَرُ» (٢)، ولأنها مُواساةٌ، فاعتُبِرَ فيها اليَسارُ.

وقالَ المالِكيةُ: إذا كانَ الأبُ مُعسِرًا إلا أنه قادِرٌ على التكسُّبِ لا يَجبُ عليه التكسُّبِ لأجْلِ الإنفاقِ على وَلدِه المُعسرِ ولو كانَ لذلكَ الأبِ صَنعةٌ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنه لا يُشترطُ يَسارُ الوالدِ في نَفقةِ وَلدِه الصَّغيرِ، فتَجبُ عليه النَّفقةُ ولو كانَ مُعسِرًا، ويستَقرضُ عليه ويُؤمَرُ بوَفائِه إذا أيسَرَ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣٩٥٧)، والنسائي (٤٦٥٣)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢٤٤٥، ٢٤٥٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٣٤٢).
(٢) رواه ابن حبان في «صحيحه» (٣٣٣٧).
(٣) «بدائع الصنائع» (٤/ ٣٤، ٣٦)، و «الاختيار» (٤/ ١٣)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٤٤٩)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٦٤)، و «العناية» (٦/ ٢٤٣)، و «درر الحكام» (٤/ ٤٨٢)، و «البحر الرائق» (٤/ ٢٢٣، ٢٢٤)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥٦٥)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٧٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٤٦٣، ٤٦٤)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢٠٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٠١، ٥٠٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٢٩، ٤٣٠)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٧٨، ٤٧٩)، و «البيان» (١١/ ٢٥١، ٢٥٢)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٨٧، ٨٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٨٠، ٢٨٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٨٣، ١٨٥)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٢٧، ٢٣١)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٥٢، ٢٥٤)، و «الديباج» (٣/ ٦٤٤)، و «المغني» (٨/ ١٦٩، ١٧٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٥٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٦٧٣، ٦٧٤)، و «منار السبيل» (٣/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>