قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فإنْ لم يَجدْ إلا عُروضًا أو عَقارًا باعَها في ذلكَ، وبهذا قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ وأبو ثَورٍ.
وقالَ أبو حَنيفةَ: النَّفقةُ في مالِه مِنْ الدَّنانيرِ والدَّراهمِ، ولا يَبيعُ عَرضًا إلا بتَسليمٍ؛ لأنَّ بَيعَ مالِ الإنسانِ لا يَنفذُ إلا بإذنِه أو إذنِ وَليِّه، ولا وِلايةَ على الرَّشيدِ.
ولنا: قَولُ النبيِّ ﷺ لهِندَ: «خُذِي ما يَكفيكِ» ولَم يُفرِّقْ، ولأنَّ ذلكَ مالٌ له، فتُؤخذُ منه النَّفقةُ كالدَّراهمِ والدَّنانيرِ، وللحاكِمِ وِلايةٌ عليه إذا امتَنعَ؛ بدَليلِ وِلايتِه على دَراهمِه ودَنانيرِه.
وإنْ تَعذَّرتِ النَّفقةُ في حالِ غَيبتِه وله وَكيلٌ فحُكمُ وَكيلِه حُكمُه في المُطالَبةِ والأخذِ مِنْ المالِ عندَ امتِناعِه، وإنْ لم يَكنْ له وَكيلٌ ولم تَقدِرِ المَرأةُ على الأخذِ أخَذَ لها الحاكِمُ مِنْ مالِه، ويَجوزُ بَيعُ عَقارِه وعُروضِه في ذلكَ إذا لم تَجدْ ما تُنفِقُ سِواهُ.
ويُنفقُ على المَرأةِ يَومًا بيَومٍ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ ويَحيى بنُ آدمَ، وقالَ أصحابُ الرَّأيِ: يَفرضُ لها في كلِّ شَهرٍ.
ولنا: إنَّ هذا تَعجيلٌ للنَّفقةِ قبلَ وُجوبِها، فلَم يَجُزْ كما عجَّلَ لها نَفقةً زِيادةً عن شَهرٍ (١).
(١) «المغني» (٨/ ١٦٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٥، ٥٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٦١، ٦٢)، و «الاختيار» (٤/ ٦)، و «اللباب» (٢/ ١٨٦)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٥٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٦٧، ٢٦٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٧٥)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «الديباج» (٣/ ٦٣٥).