للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالاستمتاعِ مِنْ المَجبوبِ والعنِّينِ، والاستِدلالُ بهذا الأصلِ مِنْ طَريقِ الأَولى مِنْ وَجهينِ:

أحَدُهما: أنَّ البَدنَ يَقومُ بتَركِ الجِماعِ ولا يَقومُ بتَركِ الغِذاءِ، فلمَّا ثبَتَ الخِيارُ بفَواتِ الجِماعِ كانَ ثُبوتُه بفَواتِ النَّفقةِ أَولى.

والثَّاني: أنَّ الاستِمتاعَ في الجِماعِ مُشتَرَكٌ بينَهُما، والنَّفقةُ مُختصةٌ بها، فلمَّا ثبَتَ الخِيارُ في الحقِّ المُشتَرَكِ كانَ ثُبوتُه في المُختصِّ أَولى.

واختَلفَ القائِلونَ بالفَسخِ هل يَثبتُ ذلكَ فَورًا؟ أم يُؤجَّلُ مُدةً؟

فقالَ الحَنابلةُ والشافِعيُّ في قَولٍ: متَى ثبَتَ الإعسارُ بالنَّفقةِ على الإطلاقِ فللمَرأةِ المُطالَبةُ بالفَسخِ مِنْ غيرِ إنظارٍ؛ لظاهِرِ حَديثِ عُمرَ، ولأنه مَعنى يُثبتُ الفَسخَ ولم يَرِدِ الشرعُ بالإنظارِ فيه، فوجَبَ أنْ يُثبتَ الفَسخَ في الحالِ كالعَيبِ، ولأنَّ سبَبَ الفَسخِ الإعسارُ وقد وُجدَ، فلا يَلزمُ التأخيرُ.

وقالَ مالِكٌ: الشَّهرُ ونَحوُه، وقيلَ: يَتلوَّمُ له الحاكِمُ، وقيلَ: تُطلقُ عليهِ مِنْ غيرِ تَلوُّمٍ، وقيلَ: التلوُّمُ يَومٌ ونحوُه ممَّا لا يَضرُّ بها الجُوعُ، وقيلَ: ثَلاثةُ أيامٍ، والذي عليهِ أصحابُ مالِكٍ الشهرُ والشَّهرانِ ثم يُطلِّقُ الحاكِمُ بعدَ زَمنِ التلوُّمِ وعَدمِ الوِجدانِ لِما يُنْفِقُ أو يَكسُو.

وقالَ الشافِعيُّ في القَولِ الآخَرِ وهو الأظهَرُ في المَذهبِ: يُؤجَّلُ ثَلاثًا؛ لأنه قَريبٌ (١).


(١) «الاستذكار» (٦/ ٢٠٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٦٧، ٦٨)، رقم (١٤١٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٩٦، ١٩٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٢١)، و «الإشراف» (٥/ ١٦٠، ١٦١)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٥٤، ٤٥٦)، و «المهذب» (٢/ ١٦٣)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٦٦، ٢٦٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٧٥، ١٧٩)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٠٩)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٤٦)، و «الديباج» (٣/ ٦٣٥)، و «المغني» (٨/ ١٦٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٦٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٦٦٧، ٦٦٨)، و «منار السبيل» (٣/ ١٩٥، ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>