للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في المَذهبِ -وهو قَولُ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ- وبَعضُ المالِكيةِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَجبُ لها أكثَرُ مِنْ خادِمٍ واحدٍ؛ لأنَّ المُستحَقَّ خِدمتُها في نفسِها، وذلكَ يَحصلُ بخادمٍ واحِدٍ.

ولأنَّ الزوجَ لو قامَ بخِدمتِها بنفسِه لا يَلزمُه نَفقةُ خادمٍ أصلًا، وخادمٌ واحِدٌ يَقومُ مَقامَه، فلا يَلزمُه غيرُه؛ لأنه إذا قامَ مَقامَه صارَ كأنَّه خدَمَ بنَفسِه، ولأنَّ الخادمَ الواحِدَ لا بُدَّ منه، والزِّيادةُ على ذلكَ ليسَ له حَدٌّ مَعلومٌ يُقدَّرُ به، فلا يكونُ اعتبارُ الخادمَينِ أَولى مِنْ الثَّلاثةِ والأربَعةِ، فيُقدَّرُ بالأقلِ وهو الواحدُ.

هذا إذا كانَ الزوجُ مُوسِرًا اتِّفاقًا، واختَلفُوا فيما لو كانَ الزوجُ مُعسِرًا هل يَجبُ لها أم لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ فيما رَواهُ الحسَنُ عنه -وهو الأصَحُّ- أنه ليسَ عليهِ نَفقةُ خادمٍ إذا كانَ مُعسرًا وإنْ كانَ لها خادمٌ؛ لأنَّ الواجِبَ على الزوجِ المُعسِرِ مِنْ النَّفقةِ أدنَى الكِفايةِ، وقد تَكتفي المرأةُ بخِدمةِ نفسِها، فلا يَلزمُه نَفقةُ الخادمِ وإنْ كانَ لها خادمٌ.

وذهَبَ الإمامُ مُحمدٌ وأبو حَنيفةَ في رِوايةٍ والشافِعيةُ إلى أنه يَجبُ لها خادِمٌ إنْ كانَتْ ممَّن لا يَخدمُ مثلُها، وعليه نَفقتُه وإنْ كانَ مُعسرًا، وإلا فلا؛ لأنه لمَّا كانَ لها خادمٌ عُلِمَ أنها لا تَرضَى بالخدمةِ بنَفسِها، فكانَ على الزَّوجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>