وقالَ المالِكيةُ: تُؤمرُ المَرأةُ بأنْ تَأكلَ مع زَوجِها؛ لِما في ذلكَ مِنْ التودُّدِ وحُسنِ العِشرةِ، ولا تُجبَرُ عليهِ في باب الحُكمِ، وإذا أكلَتْ معه سَقطتْ نَفقتُها مُدةَ أكلِها معَه ولو كانَتِ النَّفقةُ مُقرَّرةً، والكِسوةُ كالنَّفقةِ، فإذا كَساها معَه فليسَ لها غيرُها.
إلا أنَّ لها الامتناعَ مِنْ الأكلِ معَه وتَطلبُ فرْضَها أو الأعيانَ لتَأكلَ وحْدَها، وهذا إذا ما لم تَلتزِمِ الأكلَ معَه، وإلا فلَيسَ لها الامتناعُ.
وقيلَ: لها أيضًا الامتِناعُ ولو التَزمَتِ الأكلَ معه.
فلو أكلَتْ معَه ثَلاثةَ أيامٍ وطلَبَتِ الفَرضَ بعدَ ذلكَ سقَطَتْ نَفقةُ الأيامِ الثَّلاثةِ عنه، وقَضَى لها بالفَرضِ بعدَ ذلكَ … وإذا طلَبَتْ نَفقةَ مُدةٍ ماضِيةٍ وادَّعى أنها أكلَتْ معَه فيها صُدِّقَ الزَّوجُ على الظاهرِ (١).
وقالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: ولو أكَلَتِ المَرأةُ مع الزَّوجِ مُختارةً على العادةِ .. سقَطَتْ نَفقتُها؛ لجَريانِ الناسِ عليه في الأمصارِ، واكتِفاءِ الزَّوجاتِ به في أشرَفِ الأعصارِ، وهو زَمنُ رَسولِ اللهِ ﷺ والمُهاجرينَ والأنصارِ، ولم يُنقَلْ أنَّ امرأةً طالبَتْ بنَفقةٍ بعدَه، ولو كانَتْ لا تَسقطُ مع عِلمِ النبيِّ ﷺ بإطباقِهم عليه .. لَأعلَمَهم بذلكَ، ولَقضاهُ مِنْ تَرِكاتِهم …
(١) «مواهب الجليل» (٥/ ٤٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٩١)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٤٨٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤١٣).