للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الخُبزِ والطَّعامِ دَراهمَ لم يَلزمْه بَذلُها، ولو عرَضَ عليها بدَلَ الواجِبِ لها دَراهمَ لم يَلزمْها قَبولُها؛ لأنَّ السِّعرَ يَغلُو ويَرخصُ، ولأنها مُعاوَضةٌ فلا يُجبَرُ واحِدٌ منهُما على قَبولِه.

واختَلفُوا إذا تَراضيَا على ذلكَ هل يَجوزُ أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ إلى أنهُما إنْ تَراضيَا على ذلكَ جازَ؛ لأنه طَعامٌ وجَبَ في الذِّمةِ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ، فجازَتِ المُعاوضةُ عليهِ كالطَّعامِ في القَرضِ.

وذهَبَ الشافِعيةُ في مُقابلِ الأصَحِّ إلى أنه لا يَجوزُ، كالمُسلَّمِ فيهِ وطَعامِ الكفَّارةِ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: وللزَّوجِ أنْ يليَ الإنفاقَ بنَفسِه، إلَّا أنْ يَظهرَ عندَ القاضِي أنه لا يُنْفِقُ عَليها، فيَفرِضُ لها كلَّ شَهرٍ، ويُقدِّرَ النَّفقةَ بقَدرِ الغَلاءِ والرُّخصِ في كلِّ وَقتٍ، ولا يُقدِّرُ بالدَّراهمِ والدَّنانيرِ؛ لأنَّ السِّعرَ يَغلُو ويَرخصُ، ولأنَّ فيه إضرارًا بأحَدِ الزَّوجينِ؛ إذ السِّعرُ قد يَغلُو وقد يَرخصُ، بل تُقدَّرُ لها دَراهمُ أو دَنانيرُ على حَسبِ اختلافِ الأسعارِ غَلاءً ورُخصًا رِعايةً للجانبَينِ، ولو صالحَتْه مِنْ النَّفقةِ على ما لا يَكفيها كمَّلَها القاضي إنْ طلَبَتْ ذلكَ (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٣٣)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٥٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٣)، و «الاختيار» (٤/ ٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٧)، و «البحر الرائق» (٦/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>