للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَساوِيهما فَقرًا أو غِنًى ظاهِرٌ، وأمَّا عندَ اختِلافِهما فاللَّازمُ حالَةٌ وُسطَى بينَ الحالَتينِ وحِينئذٍ فنَفقةُ الفَقيرِ على الغَنيةِ أزيَدُ مِنْ نَفقتِه على الفَقيرةِ، كما أنَّ نَفقةَ الغَنيِّ على الفَقيرةِ أقَلُّ مِنْ نَفقتِه على الغَنيةِ، هذا هو المُعتمَدُ، خِلافًا لِما ذكَرَه عبق تَبعًا لعج مِنْ أنَّ اعتِبارَ حالِهما إذا تَساويَا، فإذا زادَ حالُها اعتُبِرَ وُسعُه فقطْ، وإنْ نقَصَتْ حَالتُها عن حَالتِه اعتُبِرتْ حالةٌ وُسطَى بينَ الحالَتينِ، كذا قالَ شَيخُنا العَدويُّ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: نَفقتُها مُعتبَرةٌ بحالٍ الزَّوجينِ جَميعًا، فإنْ كانَا مُوسِرينِ فلَها عليهِ نَفقةُ المُوسِرينَ، وإنْ كانَا مُعسِرينِ فعَليهِ نَفقةُ المُعسِرينَ، وإنْ كانَا مُتوسِّطينِ فلها عَليه نُفقةُ المُتوسِّطينَ، وإنْ كانَ أحَدُهما مُوسرًا والآخَرُ مُعسرًا فعَليه نَفقةُ المُتوسِّطينَ أيُّهما كانَ المُوسرَ، وإنما اعتُبِرَ بحالِهما رِعايةً لكلٍّ مِنْ الجانبَينِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ في ظاهِرِ الرِّوايةِ وبَعضُ المالِكيةِ والشافِعيةُ إلى أنَّ المُعتبَرَ حالُ الزَّوجِ وحْدَه؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، فأمَرَ الأزواجَ بالنَّفقةِ على قَدرِ وُسعِهم ومِلكِهم دونَ اعتِبارٍ لحالِ غيرِهم.

وقولِه تعالَى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، فأوجَبَ اللهُ الإنفاقَ على الزوجةِ بالمَعروفِ، وذلكَ يكونُ بما يُناسِبُ


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٤٧٩).
(٢) «المغني» (٥/ ٥٤١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٤١)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>