للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ كانَ الزوجُ مُوسِرًا فالواجِبُ عليه مُدَّانِ، وإذا كانَ مُعسرًا فالواجِبُ عليه مُدٌّ، وإنْ كانَ مُتوسطًا فالواجبُ عليه مُدٌّ ونِصفٌ.

واحتَجُّوا لأصلِ التَّفاوتِ بقَولِه تعالَى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧]، وأما ذلكَ التَّقديرُ فبالقِياسِ على الكفَّارةِ؛ بجِامعِ أنَّ كُلًّا منهُما مالٌ يَجبُ بالشَّرعِ ويَستقرُّ في الذمَّةِ، وأكثَرُ ما وجَبَ في الكفَّارةِ لكُلِّ مِسكينٍ مُدَّانِ، وذلكَ في كفَّارةِ الأذى في الحجِّ، وأقلُّ ما وجَبَ له مُدٌّ في نحوِ كفَّارةِ الظِّهارِ، فأوجَبُوا على المُوسرِ الأكثَرَ وهو مُدَّانِ؛ لأنه قَدرُ المُوسعِ، وعلى المُعسِرِ الأقلُّ وهو مُدٌّ؛ لأنَّ المدَّ الواحِدَ يَكتفِي به الزهيدُ ويَقتنعُ به الرَّغيبُ، وعلى المتوسِّطِ ما بينَهُما؛ لأنه لو أُلزمَ المُدَّينِ لَضرَّه، ولو اكتُفيَ منه بمُدٍّ لَضرَّها، فلَزمَه مدٌّ ونِصفٌ.

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : فأما مِقدارُها فهو مُختلِفٌ باليَسارِ والإعسارِ والتوسُّطِ، فوجَبَ أنْ يَكونَ المِقدارُ مُختلِفًا؛ لاختِلافِ الأحوالِ، وأنْ يُعتبَرَ بأصلٍ يُحمَلُ عليه ويُؤخَذُ المِقدارُ منه، فكانَ أَولى الأصولِ بها الكفَّاراتُ لأمرَينِ:

أحَدُهما: أنه طَعامٌ يُقصدُ به سَدُّ الجَوعةِ.

والثاني: أنه طَعامٌ يَستقرُّ ثُبوتُه في الذمَّةِ.

ثم وجَدْنا أكثَرَ الطَّعامِ المُقدَّرِ في الكفَّاراتِ فِديةَ الأذَى، قُدِّرَ فيها لكلِّ مِسكينٍ مُدَّانِ، فجَعلْناهُ أصلًا لنَفقةِ المُوسرِ، فأوجَبْنا عليهِ لنَفقةِ زَوجتِه في يَومٍ مُدَّينِ، ولأنه أكثَرُ ما يَقتاتُه الإنسانُ في الأغلَبِ، ووجَدْنا أقلَّ الطَّعامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>