للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن خرَج منه بدُونِ عُذرٍ لَزِمهُ القَضاءُ وعليه الإثمُ والعِقابُ على تَركِه، وإن خرَج منه لِعُذرٍ، لَزِمهُ القَضاءُ (١).

وذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّ مَنْ خرَج مِنْ النَّفلِ بعُذرٍ، فلا قَضاءَ عليه، ومَن خرَج بغيرِ عُذرٍ، فعَلَيه القَضاء (٢).

وذَهب الشافِعيَّةُ إلى أنَّه إذا شرعَ في النَّفلِ لم يَلزمهُ المُضِيُّ فيه، ولا يجبُ عليه القَضاءُ إذا لم يُتمَّه؛ لأنَّ النَّفلَ لمَّا شُرِعَ غيرَ لَازمٍ قبلَ الشُّروعِ وجبَ أن يَبقَى كذلك بعدَ الشُّروعِ؛ لأنَّ حَقيقةَ الشَّيءِ لا تَتغَيَّرُ بالشُّروعِ، ألَا تَرَى أنَّه بعدَ الشُّروعِ نَفلٌ، كما كانَ قبلَه، ولهذا يَتأدَّى بِنيَّةِ النَّفلِ، ولو أتَمَّه كانَ مُؤدِّيًا لِلنَّفلِ مُسقِطًا لِلوُجوبِ.

إلا أنَّهم صَرَّحوا بكَراهةِ الخُروجِ من النَّفلِ غيرَ الحَجِّ والعُمرةِ بلا عُذرٍ لِظَاهِرِ قولِه تَعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣]، ولِلخُروجِ مِنْ خِلافِ مَنْ أوجَبَ إتمامَه.

قالَ السُّيوطيُّ : ليس لنا نَفلٌ مُطلَقٌ يُستحبُّ قَضاؤُه إلا مَنْ شرعَ في نَفلِ صَلاةٍ أو صَومٍ، ثم أفسَدَه؛ فإنَّه يُستحبُّ له قَضاؤُه (٣).


(١) «معاني الآثار» (٢/ ٢٧٧)، و «كشف الأسرار» (٢/ ٤٥٢)، و «أصول السَّرخَسي» (١/ ١١٦)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ١١٣)، و «مختصر اختلاف العلماء» (١/ ٣١١)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٢٩١).
(٢) «الاستذكار» (٣/ ٣٠٩)، و «التَّمهيد» (١٢/ ٧٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٩٠)، و «شرح الزرقاني» (١/ ٥٠٥).
(٣) «الأشباه والنظائر» (٤٠٢)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٤٨)، و «فتح الباري» (١/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>