للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعَلَ الإحدادَ مِنْ أحكامِ مَنْ يُؤمنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ، فلا تَدخلُ فيه الكافِرةُ، ولأنها غيرُ مُكلَّفةٍ بأحكامِ الفُروعِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَجبُ على الزَّوجةِ الإحدادُ ولو كانَتْ كِتابيةً؛ لأنَّ حُقوقَ الذمِّيةِ في النكاحِ كحُقوقِ المُسلمةِ فيما عليها؛ لعُمومِ قَولِ النبيِّ : «لا تُحِدُّ امرَأةٌ على ميِّتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زَوجٍ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا، ولا تَلبَسُ ثَوبًا مَصبوغًا إلا ثَوبَ عَصبٍ ولا تَكتحلُ ولا تَمَسُّ طِيبًا إلا إذا طهُرَتْ نُبذةً مِنْ قُسطٍ أو أظفارٍ» (٢).

وفي لفظٍ: «المُتوفَّى عنها زَوجُها لا تَلبَسُ المُعَصفَرةَ مِنْ الثيابِ ولا المُمَشَّقةَ ولا الحُليَّ ولا تَختضبُ ولا تَكحلُ» (٣)، وهذا عامٌّ في المُسلمةِ والكافِرةِ؛ ولأنها مُعتدةٌ مِنْ وَفاةٍ، فلَزمَها الإحدادُ كالمُسلمةِ.

وأما الخبَرُ فدَليلُ خِطابِه يَدلُّ على أنه لا إحدادَ على الكافرةِ، وهُم لا يَقولونَ بدَليلِ الخِطابِ، ولأنَّ في الخبَرِ تَنبيهًا على أنَّ الإحدادَ يَجبُ على الذمِّيةِ؛ لأنَّ الإحدادَ إنما وجَبَ على المُعتدةِ تَغليظًا عليها، فإذا وجَبَ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٩)، و «الاختيار» (٣/ ٢١٦)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٩)، و «الاستذكار» (٦/ ٢٣١).
(٢) أخرجه مسلم (٩٣٨).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٣٠٤)، والنسائي (٣٥٣٥)، وأحمد (٢٦٦٢٣)، و «ابن حبان في «صحيحه» (٤٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>