للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَكنْ له عليها رَجعةٌ فلا نَفقةَ ولا سُكنَى، أُخرجِي فانزِلي على فُلانةَ، ثمَّ قالَ: إنه يُتحدَّثُ إليها، انزِلي على ابنِ أمِّ مَكتومٍ فإنه أعمَى» (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وسَواءٌ قُلنا: «لها السُّكنى» أو لم نَقُلْ، بل يَتخيرُ الزَّوجُ بينَ إقرارِها في المَوضعِ الذي طلَّقَها فيه وبينَ نَقلِها إلى مَسكنِ مثلِها، والمُستحبُّ إقرارُها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١]، ولأنَّ فيه خُروجًا مِنْ الخِلافِ، فإنَّ الذينَ ذكَرْنا عنهُم أنَّ لها السُّكنى يَرَونَ وُجوبَ الاعتدادِ عليها في مَنزلِها.

فإنْ كانَتْ في بيتٍ يَملكُ الزَّوجُ سُكناهُ ويَصلحُ لمِثلِها اعتَدَّتْ فيه، فإنْ ضاقَ عنهُما انتَقلَ عنها وترَكَه لها؛ لأنه يُستحبُّ سُكناها في المَوضعِ الذي طلَّقَها فيه، وإنِ اتَّسعَ المَوضعُ لهُمَا وفي الدارِ مَوضعٌ لها مُنفردٌ كالحُجرةِ أو عُلوِّ الدارِ أو سَفلِها وبينَهُما بابٌ مُغلقٌ سكَنَتْ فيه وسكَنَ الزَّوجُ في الباقي؛ لأنهُما كالحُجرتَينِ المُتجاورتَينِ، وإنْ لم يَكنْ بينَهُما بابٌ مُغلقٌ لكنْ لها مَوضعٌ تَتستَّرُ فيه بحَيثُ لا يَراها ومعَها مَحرمٌ تَتحفظُ به جازَ؛ لأنَّ مع المَحرمِ يُؤمَنُ الفسادُ، ويُكرهُ في الجُملةِ؛ لأنه لا يُؤمنُ النَّظرُ، وإنْ لم يَكنْ معَها مَحرمٌ لم يَجُزْ؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يَخلُونَّ رَجلٌ بامرأةٍ ليسَتْ له بمَحرمٍ، فإنَّ ثالثَهُما الشَّيطانُ».


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٧١٤٥، ٢٧٣٨٩)، والنسائي (٣٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>