للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنَّه إن تذكَّرهُ قبلَ طُولِ الفَصلِ في المَسجدِ؛ فإنَّه يَسجُدُ، سَواءٌ تَكلَّمَ أو لم يَتكلَّم، وبهذا قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ؛ لمَا رَوى ابنُ مَسعودٍ: «أنَّ النَّبيَّ سجدَ سَجدَتَيِ السَّهوِ بعدَ السَّلامِ وَالكلَامِ» رَوا هـ مُسلِمٌ.

وقالَ أبو حَنيفَةَ: يَسجُدُ متى ذكرَه، وإن طالَ الزَّمانُ، ما لم يَتكلَم؛ فإن تَكلَّمَ بعدَ الصَّلاةِ سقطَ عنه سُجودُ السَّهوِ، ولأنَّه أتى بما يُنافِيهَا، فأشبَهَ ما لو أحدَثَ.

فأمَّا إن تذكَّره بعدَ طُولِ الفَصلِ فقَولانِ عندَ الشافِعيَّةِ؛ الجَديدُ الأظهَرُ: لا يَسجُدُ؛ لِفَواتِ المَحَلِّ بالسَّلامِ، وتَعذُّرِ البِناءِ بالطُّولِ، والقَديمُ: يَسجُدُ.

وقالَ أبو حَنيفَةَ: يَسجُدُ متى ذكرَهُ وإن طالَ الزَّمانُ ما لم يَتكلَم.

وقالَ مالِكٌ: إن كانَ السَّهوُ لِزِيادةٍ سجدَ متى ذكرَهُ ولو بعدَ شَهرٍ، وإن كانَ لِنَقصٍ سجدَ إن قَرُبَ الفَصلُ، وإن طالَ استَأنَفَ الصَّلاةَ.

وقالَ الإمامُ أحمدُ في المَشهورِ عنهُ: يَسجُدُ ما دامَ في المَسجدِ وإن تَكلَّمَ واستَدبَرَ القِبلةَ، وإن خرَج لم يَسجُد؛ لأنَّه لِتَكميلِ الصَّلاةِ، فلا يأتي بهِ بعدَ طُولِ الفَصلِ، كَرُكنٍ مِنْ أركانِها.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنَّما ضَبطناهُ بالمَسجدِ؛ لأنَّه مَحَلُّ الصَّلاةِ ومَوضِعُها؛ فاعتُبِرت فيهِ المدَّةُ كخِيارِ المَجلِسِ، وعنهُ رِوايةٌ أُخرى: أنَّه يَسجُدُ، وإن خرَج وتَباعد (١).


(١) «المغني» (٢/ ٢٢٢، ٢٢٤)، ويُنظر: «رَدُّ المُحتَار» (١/ ٥٠٥)، و «الكافي» (١/ ٥٨)، و «مواهب الجليل» (٢/ ١٧)، و «المجموع» (٤/ ١٤٧)، و «شرح المنهاج» (١/ ٢٠٢)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢١٣)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>