﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤]، ولأنها مَبتوتةٌ في المَرضِ كالمَبتوتةِ في الصِّحةِ، ولأنَّ مرَضَ الزوجِ لا تَأثيرَ له في زِيادةِ العدِّةِ ولا نُقصانِها، لا في حَقِّ المَرأةِ ولا الزَّوجِ، بدَليلِ أنها لو خرَجَتْ مِنْ العدَّةِ قبلَ مَوتِه لم يَلزمْها عدَّةٌ أُخرى، ولو طلَّقَها وهي مَريضةٌ لم يَجبْ عليها مِنْ العدَّةِ إلا ما يَجبُ على الصَّحيحةِ، فكذلكَ إذا ماتَ عنها وهيَ في العدَّةِ (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والحَنابلةُ إلى أنه لو طلَّقَها في مَرضِ المَوتِ ثَلاثًا ثم ماتَ قبلَ أنْ تَنقضيَ العدَّةُ فورثَتْ فإنها تَعتدُّ أطوَلَ الأجَلينِ مِنْ عِدةِ الوَفاةِ أو ثَلاثةِ قُروءٍ، فتعتَدَّ بأربَعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ فيها ثَلاثُ حِيضٍ، حتى أنها لو لم تَرَ في مُدةِ الأربَعةِ أشهُرٍ والعَشرِ ثَلاثَ حِيَضٍ تَستكملُ بعد ذلكَ، وكذلكَ كلُّ مُعتدةٍ ورثَتْ كامرأةِ المُرتدِّ بأنِ ارتَدَّ زَوجُها بعدَما دخَلَ بها ووجَبَتْ عليها العدَّةُ ثم ماتَ أو قتَلَ ووَرثتْه؛ لأنها وارِثةٌ له، فيَجبُ عليها عدَّةُ الوفاةِ كالرَّجعيةِ، وتَلزمُها عدَّةُ الطلاقِ؛ لأنَّ النكاحَ لمَّا بَقيَ في حَقِّ الإرثِ فلَأنْ يَبقَى في حقِّ وُجوبِ العدَّةِ أَولى؛ لأنَّ العدَّةَ يُحتاطُ في إيجابِها، فكانَ قيامُ النكاحِ مِنْ وَجهٍ كافيًا لوُجوبِ العدَّةِ احتياطًا، فيَجبُ عليها الاعتِدادُ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا فيها ثَلاثُ حِيَضٍ.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٠)، و «المحيط البرهاني» (٤/ ٨١)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٤٨، ١٤٩)، و «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٦، ٢٧)، رقم (١٣٨١)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ١٨٢)، و «جواهر العقود» (٢/ ١٥٠)، و «الإقناع» (٢/ ٤٦٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٠١)، و «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (٥/ ٣٥٨).