للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١]، وفي حَبسِها عليه في هذهِ الحالِ إضرارٌ وعُدوانٌ.

وبه قالَ عُمرُ وابنُ عُمرَ وابنُ عبَّاسٍ في الصَّحابةِ؛ لِما رُويَ عن عُمرَ أنه قالَ: «تَربَّصُ امرَأةُ المَفقودِ أربَعَ سِنينَ ثمَّ تَعتدُّ عدَّةَ المُتوفَّى عنها زوجُها وتَزوَّجُ إنْ شاءَتْ» (١).

ورَواهُ الإمامُ مالكٌ عن يحيَى بنِ سَعيدٍ عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ أنَّ عُمرَ ابنَ الخطَّابِ قال: «أيُّما امرَأةٍ فقَدَتْ زوْجَها فلَم تَدرِ أينَ هو فإنها تَنتظرُ أربَعَ سِنينَ ثمَّ تَعتدُّ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا ثمَّ تَحلُّ» (٢).

وقالَ عبيدُ بنُ عُميرٍ: «فُقدَ رَجلٌ في عَهدِ عُمرَ، فجاءَتِ امرأتُه إلى عُمرَ فذكَرَتْ ذلك له فقالَ: انطَلقِي فتَربَّصِي أربَعَ سنينَ، ففعَلَتْ ثم أتَتْه فقالَ: انطَلقِي فاعتَدِّي أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا، ففعَلَتْ ثم أتَتْه فقالَ: أينَ وليُّ هذا الرَّجلِ؟ فجاءَ وليُّه، فقالَ: طلِّقْها، ففعَلَ فقالَ عُمرُ: انطَلقِي فتَزوَّجي مَنْ شَئتِ، فتزوَّجَتْ، ثم جاءَ زَوجُها الأولُ، فقالَ له عُمرَ: أينَ كُنتَ؟ فقالَ: استَهوتْني الشَّياطينُ، فواللهِ ما أدرِي في أيِّ أرضٍ كُنْتُ، كُنْتُ عندَ قومٍ يَستعبِدونَني حتَّى غَزاهُم قومٌ مُسلمونَ، فكُنتُ فيمَن غَنِموهُ، فقالُوا لي: أنتَ رَجلٌ مِنْ الإنسِ وهَؤلاءُ الجِنُّ، فما لَكَ وما لهُم؟ فأخبَرتُهم خبَرِي، فقالُوا:


(١) صَحِيحٌ: رواه سعيد بن منصور (١٧٥٢).
(٢) صَحِيحٌ: رواه الإمام مالك في «الموطأ» (١١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>